Dafʿ īhām al-iḍṭirāb ʿan āyāt al-kitāb - Ṭ. Maktabat Ibn Taymiyya
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Publisher
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Publisher Location
توزيع
Genres
لَهُمْ بِقَوْلِهِ: كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ [٦ \ ١٤٨]، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِشْكَالِ بِعَيْنِهِ فِي سُورَةِ «الزُّخْرُفِ» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [٤٣ \ ٢٠] .
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي قَالَهُ الْكُفَّارُ كَلَامُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهِ بَاطِلٌ فَتَكْذِيبُ اللَّهِ لَهُمْ وَاقِعٌ عَلَى بَاطِلِهِمُ الَّذِي قَصَدُوهُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْحَقِّ وَإِيضَاحُهُ: أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا كَانَ كُفْرُهُمْ وَعِصْيَانُهُمْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَعَدَمُ مَنْعِهِ لَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِفِعْلِهِمْ فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِكُفْرِهِمْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ
[٣٩ \ ٧]، فَالْكُفَّارُ زَعَمُوا أَنَّ الْإِرَادَةَ الْكَوْنِيَّةَ يَلْزَمُهَا الرِّضَا، وَهُوَ زَعْمٌ بَاطِلٌ بَلِ اللَّهُ يُرِيدُ بِإِرَادَتِهِ الْكَوْنِيَّةِ مَا لَا يَرْضَاهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ [٢ \ ٧]، مَعَ قَوْلِهِ: وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَالَّذِي يُلَازِمُ الرِّضَى حَقًّا إِنَّمَا هُوَ الْإِرَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ.
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي يَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ حَرَّمَهُ رَبُّهُمْ عَلَيْهِمْ، فَيُوهِمُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [٦ \ ١٥١]، أَنَّ الْإِحْسَانَ بِالْوَالِدَيْنِ وَعَدَمَ الشِّرْكِ حَرَامٌ، وَالْوَاقِعُ خِلَافُ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ ضَرُورِيٌّ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ كَلَامٌ كَثِيرٌ لِلْعُلَمَاءِ، وَبُحُوثٌ وَمُنَاقَشَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا تَتَّسِعُ هَذِهِ الْعُجَالَةُ لِاسْتِيعَابِهَا، مِنْهَا أَنَّهَا صِلَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَمِنْهَا أَنَّهَا بِمَعْنَى أُبَيِّنُهُ لَكُمْ لِئَلَّا تُشْرِكُوا.
وَمَنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ مُسْتَحِلًّا فَهُوَ مُشْرِكٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [٦ ١٢١] .
وَمِنْهَا أَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: حَرَّمَ رَبُّكُمْ وَأَنَّ قَوْلَهُ: عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا: اسْمُ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ مَعْمُولَهُ
1 / 98