Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Publisher
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Publisher Location
توزيع
Genres
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ الْآيَةَ.
الِاسْتِفْهَامُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنْكَارِيٌّ وَمَعْنَاهُ النَّفْيُ، فَالْمَعْنَى: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ يُفْهَمُ مِنْهَا خِلَافُ هَذَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا الْآيَةَ [٦ \ ١٤٤] .
وَقَوْلِهِ: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ [٣٩]، وَقَوْلِهِ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ. . . . . . الْآيَةَ [١٨ \ ٥٧]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَلِلْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ أَوْجُهٌ:
مِنْهَا تَخْصِيصُ كُلِّ مَوْضِعٍ بِمَعْنَى صِلَتِهِ، أَيْ لَا أَحَدَ مِنَ الْمَانِعِينَ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَدَ مِنَ الْمُفْتَرِينَ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا، وَإِذَا تَخَصَّصَتْ بِصِلَاتِهَا زَالَ الْإِشْكَالُ.
وَمِنْهَا أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّبْقِ، أَيْ لَمَّا لَمْ يَسْبِقْهُمْ أَحَدٌ إِلَى مِثْلِهِ حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ أَظْلَمُ مِمَّنْ جَاءَ بُعْدَهُمْ سَالِكًا طَرِيقَهُمْ، وَهَذَا يَؤُولُ مَعْنَاهُ إِلَى مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْمُرَادَ السَّبْقُ إِلَى الْمَانِعِيَّةِ وَالِافْتِرَائِيَّةِ مَثَلًا.
وَمِنْهَا، وَادَّعَى أَبُو حَيَّانَ أَنَّهُ الصَّوَابُ، هُوَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ نَفْيَ التَّفْضِيلِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ وُصِفَ بِذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى الْآخَرِ، لِأَنَّهُمْ يَتَسَاوَوْنَ فِي الْأَظْلَمِيَّةِ، فَيَصِيرُ الْمَعْنَى: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا، وَمَنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَلَا إِشْكَالَ فِي تَسَاوِي هَؤُلَاءِ فِي الْأَظْلَمِيَّةِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمْ أَظْلَمُ مِنَ الْآخَرِ، كَمَا إِذَا قُلْتَ: لَا أَحَدَ أَفْقَهُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا. ذَكَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْإِتْقَانِ.
وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ فِي قَوْلِهِ: " " وَمَنْ أَظْلَمُ " الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّهْوِيلُ وَالتَّفْظِيعُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِثْبَاتِ الْأَظْلَمِيَّةِ لِلْمَذْكُورِ حَقِيقَةً وَلَا نَفْيِهَا عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْإِتْقَانِ، يَظْهَرُ ضَعْفُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ
1 / 21