وقد وافق الجمهور من المالكية: أشهب وابن هارون وابن يونس والباجي واللخمي. ولمالكٍ في "الموازية" كراهته. قال ابن بشير: ويمكن حمل "المدونة" على الكراهة.
المسألة الخامسة: ذبائح أهل الكتاب في دار الحرب كذبائحهم في دار الإسلام. قال النووي: وهذا لا خلاف فيه، ونقل ابن المنذر الإجماع عليه.
قوله تعالى: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ. .﴾ الآية [المائدة/ ٤٢].
هذه الآية الكريم تدل على أن النبي ﷺ إذا تحاكم إليه أهل الكتاب مخير بين الحكم بينهم والإعراض عنهم.
وقد جاءت آية أخرى تدل على خلاف ذلك، وهى قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ الآية [المائدة/ ٤٩].
والجواب: أن قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ﴾ ناسخ لقوله: ﴿أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [المائدة/ ٤٢]. وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني وغير واحد. قاله ابن كثير.
وقيل: معنى ﴿وَأَنِ احْكُمْ﴾ أي: إذا حكمت بينهم فاحكم بما أنزل اللَّه لا باتباع الهوى. وعليه فالأُولى محكمة. والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ الآية [المائدة/ ١٠٦].