كما ذكرنا.
فتحصل أن الأول النهي، فالأمر، فالإباحة، فظهر تقديم النهي عما أهل به لغير اللَّه على إباحة طعام أهل الكتاب.
واعلم أن العلماء اختلفوا فيما حرم على أهل الكتاب، كشحم الجوف من البقر والغنم المحرم على اليهود، هل يباح للمسلم مما ذبحه اليهودي؟ فالجمهور على إباحة ذلك للمسلم؛ لأن الذكاة لا تتجزأ. وكرهه مالك، ومنعه بعض أصحابه كابن القاسم وأشهب. واحتج عليهم الجمهور بحجج لا ينهض الاحتجاج بها عليهم فيما يظهر.
وإيضاح ذلك: أن أصحاب مالك احتجوا بقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾، قالوا: المحرَّم عليهم ليس من طعامهم حتى يدخل فيما أحلته الآية.
فاحتج عليهم الجمهور بما ثبت في "صحيح البخاري" من تقرير النبي ﷺ لعبد اللَّه بن مغفل ﵁ على أخذه جرابًا من شحم اليهود يوم خيبر.
وبما رواه الإمام أحمد بن حنبل عن أنس أن النبي ﷺ أضافه يهودى على خبز شعير وإهالةٍ سَنِخَةٍ، أى: وَدكٍ متغير الريح.
وبقصة الشاة المسمومة التي سمتها اليهودية له ﷺ ونهش من ذراعها، ومات منها بشر بن البراء بن معرور، وهي مشهورة صحيحة، قالوا: إنه ﷺ عزم على أكلها هو ومن معه، ولم يسألهم هل نزعوا منها ما يعتقدون تحريمه من شحمها أو لا؟ وقد تقرر في