وحين بلغا أول الردهة رأيا مصادر الضجيج نساء عاريات الصدر يطلقن الضحكات المعربدة، وقد التفت حول صدورهن أيدي رجال تراوحت أعمارهم بين الشباب والكهولة والشيخوخة. وقال مجدي لصديقه: انتظر لحظة حتى أنادي عزيزة.
وتركه وحيدا، ودلف داخل الشقة، ولم يجد محمد ما يفعله إلا أن يطالع الوجوه فراح يمر بها، وفجأة تسمرت عيناه على زوجته آمال بين يدي رجل من هؤلاء. لم يصدق، وتفرس؛ إنها هي، وقد رأته وانتفضت من بين ذراع رفيقها، وأرادت أن تفعل شيئا، لم تكن تدري ما تريد أن تفعل، ولا يدري هو، وإنما في لحظة حزم أمره على شيء واندفع نحو باب الخروج لاهثا، وخرج إلى الطريق. أيقتلها؟ زوجة داعرة وزوج قاتل، وتحل الجناية على سوسن وأحمد. حبيبي أحمد، ماذا يفعل؟ وجد نفسه يركب سيارة أجرة، ويأمر السائق أن ينطلق إلى المنيرة. ماذا يفعل في البيت؟ نزل من السيارة، وطرق باب البواب، وخرج إليه البواب نصف نائم، وسأله محمد: أتعرف مكان المأذون هنا؟
وقال البواب: نعم.
وقال محمد في حزم: تعال معي.
وطرق باب المأذون طرقا ملحا حتى فتح، ودخل محمد والبواب وسائق السيارة الأجرة. وبعد دقائق كانت آمال طالقا.
وعاد محمد إلى البيت، وفتح الباب ووجد آمال بالبهو، وقامت تجري إليه: محمد. - أنت طالق، وهذه ورقتك.
ورمى الورقة على الأرض، وأمسكت آمال يده: أرجوك ... أبوس يدك.
ونتر محمد يدها، وجرى إلى السلم، ووجد سائق السيارة الأجرة ما زال واقفا فسأله: أتذهب إلى الزقازيق؟ - الآن؟! - نعم. - أذهب.
وفي الساعة الثانية من صباح اليوم التالي كان محمد يطرق باب أبيه، وفتحت الحاجة بمبة الباب، وارتاعت حين رأت محمدا زائغ النظرات حائرا ملتاعا ودخل محمد: أين أبي؟
وقال الحاج والي وهو يقف على باب حجرته: أهلا محمد. خير يا ابني. - أبا ... أبا.
Unknown page