الْعُزْلَةُ لِلْخَطَّابِيِّ
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ الْقَيَّاسُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَرْوَزِيُّ ﵄ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ ﵁، حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ ﵀ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَبَدًا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ دَائِمًا سَرْمَدًا. فَهِمْتُ قَوْلَكَ أَخِي، أَلْهَمَكَ اللَّهُ الصَّوَابَ وَأَرَاكَ الْمَحَابَّ، وَمَا قَدْ ذْكَرْتَ بِهِ مِنْ أَمْرِ كِتَابِ الْعُزْلَةِ وَبَعَثْتَنِي عَلَيْهِ مِنْ إِتْمَامِهِ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ وَالْفَرَاغِ مِنْهُ بَعْدَ إِنْشَائِهِ. وَمَا شْكُوتَهُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ طُولِ مَأْخَذِهِ. وَمَا خِفْتُهُ مِنَ الْمَلَالِ عَلَى النَّاظِرِ فِيهِ وَسَأَلْتُ أَنِ الْتَقِطَ لَكَ جَوَامِعَهُ وَأَحْذِفَ أَطْرَافَهُ وَزَوَائِدَهُ وَأُسَدِّدَ بِالْقَوْلِ فِيهِ نَحْوَ الْغَرَضِ لإعْدُادهُ وَلَا أَتَجَاوَزُهُ لِيَكُونَ أَوْجَزَ فِي الْقَوْلِ وَأَسْهَلَ عَلَى الذِّكْرِ. فَرَأَيْتُ إِسْعَافَكَ بِهِ وَالْمَصِيرَ إِلَى مَا أَحْبَبْتَ مِنْهُ أَمْرًا لَازِمًا لِي فِيمَا أَتَوَخَّاهُ مِنْ مَسَرَّتِكَ وَأَنْحُوهُ مِنْ مُوَافَقَتِكَ. فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ ابن الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّبَانُ الدَّيْنُورِيُّ: ثُمَّ إِنِّي لَمْ أَرَ شَيْئًا مِنْهُ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ كَانَ زَائِدًا عَلَى قَدْرِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْ حَدِّهِ فَيَجِبُ حَذْفُهُ أَوْ يَلْزَمُ نَبْذُهُ وَرَفْضُهُ وَرُبَّمَا قِيلَ: إِذَا كَانَ أَمْرًا كَافِيًا فَالْإِطْنَابُ عِيُّ عَلَى أَنَّ لِلْإِشْبَاعِ مَوْضِعًا. وَلِتِكْرَارِ الْقَوْلِ مِنَ الْقُلُوبِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ مَوْقِعًا. قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [سورة: القصص، آية رقم: ٥١] أَمَا وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا الرَّأْيَ فَقَدْ تَخَيَّرْتُ فِيهِ عَلَى سَمْتِ إرَادَتِكَ وَسَلَكْتُ نَهْجَ اخْتِيَارِكَ. وَتَوَخَّيْتُ لَكَ فِيهِ الِاقْتِصَارَ. وَسَأَلْتُ اللهَ الْمَعُونَةَ وَالتَّوْفِيقَ.
1 / 3
مُقَدِّمَةٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَبَدًا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ دَائِمًا سَرْمَدًا. فَهِمْتُ قَوْلَكَ أَخِي، أَلْهَمَكَ اللَّهُ الصَّوَابَ وَأَرَاكَ الْمَحَابَّ، وَمَا قَدْ أَذْكَرْتَنِي بِهِ مِنْ أَمْرِ كِتَابِ الْعُزْلَةِ وَبَعَثْتَنِي عَلَيْهِ مِنْ إِتْمَامِهِ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ وَالْفَرَاغِ مِنْهُ بَعْدَ إِنْشَائِهِ. وَمَا يَشْكُونَهُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ طُولِ مَأْخَذِهِ. وَمَا خِفْتُهُ مِنَ الْمَلَالِ عَلَى النَّاظِرِ فِيهِ وَسَأَلْتُ أَنِ الْتَقِطَ لَكَ جَوَامِعَهُ وَأَحْذِفَ أَطْرَافَهُ وَزَوَائِدَهُ وَأُسَدِّدَ بِالْقَوْلِ فِيهِ نَحْوَ الْغَرَضِ لَا أَعْدُوهُ وَلَا أَتَجَاوَزُهُ لِيَكُونَ أَوْجَزَ فِي الْقَوْلِ وَأَسْهَلَ إِلَيَّ عَلَى الذِّكْرِ. فَرَأَيْتُ إِسْعَافَكَ بِهِ وَالْمَصِيرَ إِلَى مَا أَحْبَبْتَ مِنْهُ أَمْرًا لَازِمًا لِي فِيمَا أَتَوَخَّاهُ مِنْ مَسَرَّتِكَ وَأَنْحُوهُ مِنْ مُوَافَقَتِكَ. فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّبَانُ الدَّيْنُورِيُّ: ثُمَّ إِنِّي لَمْ أَرَ شَيْئًا مِنْهُ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ كَانَ زَائِدًا عَلَى قَدْرِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْ حَدِّهِ فَيَجِبُ حَذْفُهُ أَوْ يَلْزَمُ نَبْذُهُ وَرَفْضُهُ وَرُبَّمَا قِيلَ: إِذَا كَانَ أَمْرًا كَافِيًا فَالْإِطْنَابُ عِيُّ عَلَى أَنَّ لِلْإِشْبَاعِ مَوْضِعًا. وَلِتِكْرَارِ الْقَوْلِ مِنَ الْقُلُوبِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ مَوْقِعًا. قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [القصص: ٥١] أَمَا وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا الرَّأْيَ فَقَدْ تَخَيَّرْتُ فِيهِ عَلَى سَمْتِ ارَادَتِكَ وَسَلَكْتُ نَهْجَ اخْتِيَارِكَ. وَتَوَخَّيْتُ لَكَ فِيهِ الِاقْتِصَارَ. وَسَأَلْتُ اللهَ الْمَعُونَةَ وَالتَّوْفِيقَ.
1 / 4
بَابٌ فِي حِكَايَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَنْكَرَ الْعُزْلَةَ قَالَ الْمُنْكِرُ لَهَا: قَدْ أَمَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالِاجْتِمَاعِ وَحَضَّ عَلَيْهِ وَنَهَى عَنِ الِافْتِرَاقِ وَحَذَّرَ مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: ١٠٣] وَأَعْظَمُ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي جَمْعِ الْكَلِمَةِ وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ مِنْهُمْ فَقَالَ ﷿ ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ [الأنفال: ٦٣] وَقَالَ ﷾ ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: ١٠٥] فِي آيٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَذَكَرَ فِيهَا أَخْبَارًا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
1 / 5
حَدَّثَنَا الْأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قال أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ ابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَرَّهُ بَحْبُوحَةُ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْفَذِّ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ»
1 / 6
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ»
1 / 7
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ فِرَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّالْقَانِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ طَاوُسٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمُونَ فِي إِسْلَامٍ دَامِجٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ» قَالُوا: قَدْ نَطَقَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ الْمُعْتَزِلَ عَنِ النَّاسِ الْمُنْفَرِدَ عَنْهُمْ مَفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ شَاذٌّ عَنِ الْجُمْلَةِ شَاقٌّ لِعَصَا الْأُمَّةِ خَالِعٌ لِلرَّبْقَةِ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ: قَالُوا: وَأَقَلُّ مَا فِي الْعُزْلَةِ أَنَّهَا إِذَا امْتَدَّتْ وَاسْتَمَرَّتْ بِصَاحِبِهَا صَارَتْ هِجْرَةً، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْهِجْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَعُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَوْفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " لَا هِجْرَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ قَالَ: ثَلَاثَ لَيَالٍ" فَالْجَوَابُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: أَنَّ الْآيَ الَّتِي تَلُوهَا فِي ذَمِّ الْعُزْلَةِ وَالْأَحَادِيثَ الَّتِي رَوَوْهَا فِي التَّحْذِيرِ وَمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ لَا يَعْتَرِضُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الَّذِي نَذْهَبُهُ فِي الْعُزْلَةِ وَلَا يُنَاقِضُ تَفْصِيلُهَا جُمْلَتَهُ لَكِنَّهَا تَجْرِي مَعَهُ عَلَى سَنَنِ الْوِفَاقِ وَقَضِيِّةِ الِائْتِلَافِ وَالِاتِّسَاقِ وَسَأُوَضِّحُ لَكَ التَّوْفِيقَ بَيْنَهُمَا بِمَا أُقَسِّمُهُ لَكَ مِنْ بَيَانِ وُجُوهِهَا وَتَرْتِيبِ مَنَازِلَهَا. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ فَأَقُولُ: الْفُرْقَةُ فُرْقَتَانِ فُرْقَةُ الْآرَاءِ وَالْأَدْيَانِ وَفُرْقَةُ الْأَشْخَاصِ وَالْأَبْدَانِ، وَالْجَمَاعَةُ جَمَاعَتَانِ: جَمَاعَةٌ هِيَ الْأَئِمَّةُ وَالْأُمَرَاءُ وَجَمَاعَةٌ هِيَ الْعَامَّةُ وَالدَّهْمَاءُ. فَأَمَّا الِافْتِرَاقُ فِي الْآرَاءِ وَالْأَدْيَانِ فَإِنَّهُ مَحْظُورٌ فِي الْعُقُولِ مُحَرَّمٌ فِي قَضَايَا الْأُصُولِ لِأَنَّهُ دَاعِيَةُ الضَّلَالِ وَسَبَبُ التَّعْطِيلِ وَالْإِهْمَالِ. وَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ مُتَفَرِّقِينَ لَتَفَرَّقَتِ الْآرَاءُ وَالنِّحَلِ وَلَكَثُرَتِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ وَلَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ فِي بِعْثَةِ الرُّسُلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَابَهُ اللَّهُ ﷿ مِنَ التَّفْرِيقِ فِي كِتَابِهِ وَذَمَّهُ فِي الْآيِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وَعَلَى هَذِهِ الْوَتِيرَةِ نُجْرِي الْأَمْرَ أَيْضًا فِي الِافْتِرَاقِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ فَإِنَّ فِي مُفَارَقَتِهِمْ مُفَارَقَةَ الْأُلْفَةِ وَزَوَالَ الْعِصْمَةِ وَالْخُرُوجَ مِنْ كَنَفِ الطَّاعَةِ وَظِلِّ الْأَمَنَةِ وَهُوَ الَّذِي نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ وَأَرَادَهُ بِقَوْلِهِ: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ» وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ يَجْمَعُهُمْ عَلَى دِينٍ وَيَتَأَلَّفُهُمْ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ بَلْ كَانُوا طَوَائِفَ شَتَّى وَفِرَقًا مُخْتَلِفَيْنَ آرَاؤُهُمْ مُتَنَاقِضَةٌ وَأَدْيَانُهُمْ مُتَبَايِنَةٌ وَذَلِكَ الَّذِي دَعَا كَثِيرًا مِنْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَطَاعَةِ الْأَزْلَامِ رَأْيًا فَاسِدًا اعْتَقَدُوهُ فِي أَنَّ عِنْدَهَا خَيْرًا وَأَنَّهَا تَمْلِكُ لَهُمْ نَفْعًا أَوْ تَدْفَعُ عَنْهُمْ ضَرًّا. وَأَمَّا عُزْلَةُ الْأَبْدَانِ وَمُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ الْعَوَامُّ فَإِنَّ مِنْ حُكْمِهَا أَنْ تَكُونَ تَابِعةً لِلْحَاجَةِ وَجَارِيَةً مَعَ الْمَصْلَحَةِ وَذَلِكَ أَنَّ عِظَمَ الْفَائِدَةِ فِي اجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي الْمُدُنِ وَتَجَاوُرِهِمْ فِي الْأَمْصَارِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَتَضَافَرُوا فَيَتَعَاوَنُوا وَيَتَوَازَرُوا فِيهَا إِذْ كَانَتْ مَصَالِحُهُمْ لَا تَكْمُلُ إِلَّا بِهِ وَمَعَايِشُهُمْ لَا تَزْكُو إِلَّا عَلَيْهِ. فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَأَمَّلَ حَالَ نَفْسِهِ فَيَنْظُرَ فِي أَيَّةِ طَبَقَةٍ يَقَعُ مِنْهُمْ وَفِي أَيَّةِ جَنَبَةٍ يَنْحَازُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ أَحْوَالُهُ تَقْتَضِيهِ الْمَقَامَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْعَامَّةِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ إِصْلَاحِ الْمِهْنَةِ الَّتِي لَا غُنْيَةَ لَهُ بِهِ عَنْهَا وَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ فِيهَا وَلَا وَجْهَ لِمُفَارَقَتِهِمْ فِي الدَّارِ وَمُبَاعَدَتِهِمْ فِي السَّكَنِ وَالْجِوَارِ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تَضَرَّرَ بِوَحْدَتِهَ وَأَضَرَّ بِمَنْ وَرَاءَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَأُسْرَتِهِ. وَإِنْ كَانَتْ نَفْسُهُ بِكُلِّهَا مُسْتَقِلَّةً وَحَالُهُ فِي ذَاتِهِ وَذَوِيهِ مُتَمَاسِكَةً فَالِاخْتِيَارُ لَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ اعْتِزَالُ النَّاسِ وَمُفَارَقَةُ عَوَامِّهِمْ فَإِنَّ السَّلَامَةَ فِي مُجَانَبَتِهِمْ وَالرَّاحَةَ فِي التَّبَاعُدِ مِنْهُمْ. وَلَسْنَا نُرِيدُ، رَحِمَكَ اللَّهُ، بِهَذِهِ الْعُزْلَةِ الَّتِي نَخْتَارُهَا مُفَارَقَةَ النَّاسِ فِي الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمُعَاتِ وَتَرْكَ حُقُوقِهِمْ فِي الْعِبَادَاتِ وَإِفْشَاءَ السَّلَامِ وَرَدَّ التَّحِيَّاتِ وَمَا جَرَى مُجْرَاهَا مِنْ وَظَائِفِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لَهُمْ وَوَضَائِعِ السُّنَنِ وَالْعَادَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ بِشَرَائِطِهَا جَارِيَةٌ عَلَى سُبُلِهَا مَا لَمْ يَحُلْ دُونَهَا حَائِلُ شُغْلٍ وَلَا يَمْنَعُ عَنْهَا مَانِعُ عُذْرٍ. إِنَّمَا نُرِيدُ بِالْعُزْلَةِ تَرْكَ فُضُولِ الصُّحْبَةِ وَنَبْذَ الزِّيَادَةِ مِنْهَا وَحَطَّ الْعِلَاوَةِ الَّتِي لَا حَاجَةَ بِكَ إِلَيْهَا فَإِنَّ مَنْ جَرَى فِي صُحْبَةِ النَّاسِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ عَلَى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ شَغَفُ النُّفُوسِ، وَإِلْفُ الْعَادَاتِ وَتَرْكُ الِاقْتِصَادِ فِيهَا وَالِاقْتِصَارِ الَّذِي تَدَعُوهُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ كَانَ جَدِيرًا أَلَّا يَحْمَدَهُ غِبُّهُ وَأَنْ تُسْتَوْخَمَ عَاقِبَتُهُ وَكَانَ سَبِيلُهُ فِي ذَلِكَ سَبِيلَ مَنْ يَتَنَاوَلُ الطَّعَامَ فِي غَيْرِ أَوَانِ جُوعِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ فَوْقَ قَدْرِ حَاجَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُلْبِثُهُ أَنْ يَقَعَ فِي أَمْرَاضٍ مُدْنِفَةٍ وَأَسْقَامٍ مُتْلِفَةٍ وَلَيْسَ مَنْ عَلِمَ كَمَنْ جَهِلَ وَلَا مَنْ جَرَّبَ وَامْتَحَنَ كَمَنْ بَادَهَ وَخَاطَرَ. وَلِلَّهِ دَرُّ أَبِي الدَّرْدَاءِ حَيْثُ يَقُولُ: وَجَدْتُ النَّاسَ أُخْبُرْ تَقْلُهْ. قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي الدَّقِّ قَالَ: أَنْشَدَنَا شُكْرٌ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: [البحر السريع] مَنْ حَمِدَ النَّاسَ وَلَمْ يَبْلُهُمْ ... ثُمَّ بَلَاهُمْ ذَمَّ مَنْ يَحْمَدُ وَصَارَ بِالْوَحْدَةِ مُسْتَأْنِسًا ... يُوحِشُهُ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَلْنَذْكُرِ الْآنَ مَا جَاءَ فِي مَدْحِ الْعُزْلَةِ وَمَا رُوِيَ فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَمَّنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَمَّنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَنُخْبِرُ عَنْ مَحِلِّهَا مِنَ الْحِكْمَةِ وَمَوْقِعِهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَيَنْظُرَ الْمَرْءُ لِدِينِهِ وَيُحْسِنَ الِارْتِيَادَ لِنَفْسِهِ وَنَسْأَلَ اللَّهَ السَّلَامَةَ مِنْ شَرِّ هَذَا الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ إِنَّهُ لَا خِيفَةَ عَلَى مَنْ حَفِظَهُ وَلَا وَحْشَةَ عَلَى مَنْ عَرَفَهُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعُزْلَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ ﵇: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤٨] اعْتَصَمَ خَلِيلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْعُزْلَةِ وَاسْتَظْهَرَ بِهَا عَلَى قَوْمِهِ عِنْدَ جَفَائِهِمْ إِيَّاهُ وَخُذْلَانِهِمْ لَهُ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَمُعَانَدَةِ الْحَقِّ وَكَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُمْ وَعَصَمَهُ مِنْ شَرِّهِمْ وَأَثَابَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَوْهِبَةِ الْجَزِيلَةِ وَعَوَّضَهُ النُّصْرَةَ بِالذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ قَالَ اللَّهُ، وَهُوَ أَجَلُّ قَائِلٍ ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مُوسَى ﵇ ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ [الدخان: ٢١] فَزِعَ نَبِيُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى الْعُزْلَةِ حِينَ ظَهَرَ لَهُ عِنَادُهُمْ فِي قَبُولِ الدَّعْوَةِ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى مُنَابَذَةِ الْحَقِّ وَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ: ﴿وَإِذ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ [الكهف: ١٦] وَكَانُوا قَوْمًا كَرِهُوا الْمَقَامَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَفَرُّوا مِنْ فِتْنَةِ الْكُفْرِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَصَرَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ شَرَّهُمْ وَدَفَعَ عَنْهُمْ بَأْسَهُمْ وَرَفَعَ فِي الصَّالِحِينَ ذِكْرَهُمْ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ ﵁: وَقَدِ اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَوْمَهُ قُرَيْشًا لَمَّا جَفَوْهُ وَآذَوْهُ فَدَخَلَ الشِّعْبَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِاعْتِزَالِهِمْ وَالْهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا حَتَّى تَلَاحَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ وَتَوَافَوْا بِهَا مَعَهُ فَأَعْلَى اللَّهُ كَلِمَتَهُ وَتَوَلَّى إِعْزَازَهُ وَنُصْرَتَهُ ﷺ. وَالْعُزْلَةُ عِنْدَ الْفِتْنَةِ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَعِصْمَةُ الْأَوْلِيَاءِ وَسِيرَةُ الْحُكَمَاءِ الْأَلِبَّاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَلَا أَعْلَمُ لِمَنْ عَابَهَا عُذْرًا لَاسِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الْقَلِيلِ خَيْرُهُ الْبَكِيءُ دَرُّهُ وَبِاللَّهِ نَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّهِ وَرَيْبِهِ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: «لِيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ دِينَكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَعُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَوْفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " لَا هِجْرَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ قَالَ: ثَلَاثَ لَيَالٍ" فَالْجَوَابُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: أَنَّ الْآيَ الَّتِي تَلُوهَا فِي ذَمِّ الْعُزْلَةِ وَالْأَحَادِيثَ الَّتِي رَوَوْهَا فِي التَّحْذِيرِ وَمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ لَا يَعْتَرِضُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الَّذِي نَذْهَبُهُ فِي الْعُزْلَةِ وَلَا يُنَاقِضُ تَفْصِيلُهَا جُمْلَتَهُ لَكِنَّهَا تَجْرِي مَعَهُ عَلَى سَنَنِ الْوِفَاقِ وَقَضِيِّةِ الِائْتِلَافِ وَالِاتِّسَاقِ وَسَأُوَضِّحُ لَكَ التَّوْفِيقَ بَيْنَهُمَا بِمَا أُقَسِّمُهُ لَكَ مِنْ بَيَانِ وُجُوهِهَا وَتَرْتِيبِ مَنَازِلَهَا. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ فَأَقُولُ: الْفُرْقَةُ فُرْقَتَانِ فُرْقَةُ الْآرَاءِ وَالْأَدْيَانِ وَفُرْقَةُ الْأَشْخَاصِ وَالْأَبْدَانِ، وَالْجَمَاعَةُ جَمَاعَتَانِ: جَمَاعَةٌ هِيَ الْأَئِمَّةُ وَالْأُمَرَاءُ وَجَمَاعَةٌ هِيَ الْعَامَّةُ وَالدَّهْمَاءُ. فَأَمَّا الِافْتِرَاقُ فِي الْآرَاءِ وَالْأَدْيَانِ فَإِنَّهُ مَحْظُورٌ فِي الْعُقُولِ مُحَرَّمٌ فِي قَضَايَا الْأُصُولِ لِأَنَّهُ دَاعِيَةُ الضَّلَالِ وَسَبَبُ التَّعْطِيلِ وَالْإِهْمَالِ. وَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ مُتَفَرِّقِينَ لَتَفَرَّقَتِ الْآرَاءُ وَالنِّحَلِ وَلَكَثُرَتِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ وَلَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ فِي بِعْثَةِ الرُّسُلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَابَهُ اللَّهُ ﷿ مِنَ التَّفْرِيقِ فِي كِتَابِهِ وَذَمَّهُ فِي الْآيِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وَعَلَى هَذِهِ الْوَتِيرَةِ نُجْرِي الْأَمْرَ أَيْضًا فِي الِافْتِرَاقِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ فَإِنَّ فِي مُفَارَقَتِهِمْ مُفَارَقَةَ الْأُلْفَةِ وَزَوَالَ الْعِصْمَةِ وَالْخُرُوجَ مِنْ كَنَفِ الطَّاعَةِ وَظِلِّ الْأَمَنَةِ وَهُوَ الَّذِي نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ وَأَرَادَهُ بِقَوْلِهِ: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ» وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ يَجْمَعُهُمْ عَلَى دِينٍ وَيَتَأَلَّفُهُمْ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ بَلْ كَانُوا طَوَائِفَ شَتَّى وَفِرَقًا مُخْتَلِفَيْنَ آرَاؤُهُمْ مُتَنَاقِضَةٌ وَأَدْيَانُهُمْ مُتَبَايِنَةٌ وَذَلِكَ الَّذِي دَعَا كَثِيرًا مِنْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَطَاعَةِ الْأَزْلَامِ رَأْيًا فَاسِدًا اعْتَقَدُوهُ فِي أَنَّ عِنْدَهَا خَيْرًا وَأَنَّهَا تَمْلِكُ لَهُمْ نَفْعًا أَوْ تَدْفَعُ عَنْهُمْ ضَرًّا. وَأَمَّا عُزْلَةُ الْأَبْدَانِ وَمُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ الْعَوَامُّ فَإِنَّ مِنْ حُكْمِهَا أَنْ تَكُونَ تَابِعةً لِلْحَاجَةِ وَجَارِيَةً مَعَ الْمَصْلَحَةِ وَذَلِكَ أَنَّ عِظَمَ الْفَائِدَةِ فِي اجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي الْمُدُنِ وَتَجَاوُرِهِمْ فِي الْأَمْصَارِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَتَضَافَرُوا فَيَتَعَاوَنُوا وَيَتَوَازَرُوا فِيهَا إِذْ كَانَتْ مَصَالِحُهُمْ لَا تَكْمُلُ إِلَّا بِهِ وَمَعَايِشُهُمْ لَا تَزْكُو إِلَّا عَلَيْهِ. فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَأَمَّلَ حَالَ نَفْسِهِ فَيَنْظُرَ فِي أَيَّةِ طَبَقَةٍ يَقَعُ مِنْهُمْ وَفِي أَيَّةِ جَنَبَةٍ يَنْحَازُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ أَحْوَالُهُ تَقْتَضِيهِ الْمَقَامَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْعَامَّةِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ إِصْلَاحِ الْمِهْنَةِ الَّتِي لَا غُنْيَةَ لَهُ بِهِ عَنْهَا وَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ فِيهَا وَلَا وَجْهَ لِمُفَارَقَتِهِمْ فِي الدَّارِ وَمُبَاعَدَتِهِمْ فِي السَّكَنِ وَالْجِوَارِ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تَضَرَّرَ بِوَحْدَتِهَ وَأَضَرَّ بِمَنْ وَرَاءَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَأُسْرَتِهِ. وَإِنْ كَانَتْ نَفْسُهُ بِكُلِّهَا مُسْتَقِلَّةً وَحَالُهُ فِي ذَاتِهِ وَذَوِيهِ مُتَمَاسِكَةً فَالِاخْتِيَارُ لَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ اعْتِزَالُ النَّاسِ وَمُفَارَقَةُ عَوَامِّهِمْ فَإِنَّ السَّلَامَةَ فِي مُجَانَبَتِهِمْ وَالرَّاحَةَ فِي التَّبَاعُدِ مِنْهُمْ. وَلَسْنَا نُرِيدُ، رَحِمَكَ اللَّهُ، بِهَذِهِ الْعُزْلَةِ الَّتِي نَخْتَارُهَا مُفَارَقَةَ النَّاسِ فِي الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمُعَاتِ وَتَرْكَ حُقُوقِهِمْ فِي الْعِبَادَاتِ وَإِفْشَاءَ السَّلَامِ وَرَدَّ التَّحِيَّاتِ وَمَا جَرَى مُجْرَاهَا مِنْ وَظَائِفِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لَهُمْ وَوَضَائِعِ السُّنَنِ وَالْعَادَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ بِشَرَائِطِهَا جَارِيَةٌ عَلَى سُبُلِهَا مَا لَمْ يَحُلْ دُونَهَا حَائِلُ شُغْلٍ وَلَا يَمْنَعُ عَنْهَا مَانِعُ عُذْرٍ. إِنَّمَا نُرِيدُ بِالْعُزْلَةِ تَرْكَ فُضُولِ الصُّحْبَةِ وَنَبْذَ الزِّيَادَةِ مِنْهَا وَحَطَّ الْعِلَاوَةِ الَّتِي لَا حَاجَةَ بِكَ إِلَيْهَا فَإِنَّ مَنْ جَرَى فِي صُحْبَةِ النَّاسِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ عَلَى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ شَغَفُ النُّفُوسِ، وَإِلْفُ الْعَادَاتِ وَتَرْكُ الِاقْتِصَادِ فِيهَا وَالِاقْتِصَارِ الَّذِي تَدَعُوهُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ كَانَ جَدِيرًا أَلَّا يَحْمَدَهُ غِبُّهُ وَأَنْ تُسْتَوْخَمَ عَاقِبَتُهُ وَكَانَ سَبِيلُهُ فِي ذَلِكَ سَبِيلَ مَنْ يَتَنَاوَلُ الطَّعَامَ فِي غَيْرِ أَوَانِ جُوعِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ فَوْقَ قَدْرِ حَاجَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُلْبِثُهُ أَنْ يَقَعَ فِي أَمْرَاضٍ مُدْنِفَةٍ وَأَسْقَامٍ مُتْلِفَةٍ وَلَيْسَ مَنْ عَلِمَ كَمَنْ جَهِلَ وَلَا مَنْ جَرَّبَ وَامْتَحَنَ كَمَنْ بَادَهَ وَخَاطَرَ. وَلِلَّهِ دَرُّ أَبِي الدَّرْدَاءِ حَيْثُ يَقُولُ: وَجَدْتُ النَّاسَ أُخْبُرْ تَقْلُهْ. قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي الدَّقِّ قَالَ: أَنْشَدَنَا شُكْرٌ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: [البحر السريع] مَنْ حَمِدَ النَّاسَ وَلَمْ يَبْلُهُمْ ... ثُمَّ بَلَاهُمْ ذَمَّ مَنْ يَحْمَدُ وَصَارَ بِالْوَحْدَةِ مُسْتَأْنِسًا ... يُوحِشُهُ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَلْنَذْكُرِ الْآنَ مَا جَاءَ فِي مَدْحِ الْعُزْلَةِ وَمَا رُوِيَ فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَمَّنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَمَّنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَنُخْبِرُ عَنْ مَحِلِّهَا مِنَ الْحِكْمَةِ وَمَوْقِعِهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَيَنْظُرَ الْمَرْءُ لِدِينِهِ وَيُحْسِنَ الِارْتِيَادَ لِنَفْسِهِ وَنَسْأَلَ اللَّهَ السَّلَامَةَ مِنْ شَرِّ هَذَا الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ إِنَّهُ لَا خِيفَةَ عَلَى مَنْ حَفِظَهُ وَلَا وَحْشَةَ عَلَى مَنْ عَرَفَهُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعُزْلَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ ﵇: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤٨] اعْتَصَمَ خَلِيلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْعُزْلَةِ وَاسْتَظْهَرَ بِهَا عَلَى قَوْمِهِ عِنْدَ جَفَائِهِمْ إِيَّاهُ وَخُذْلَانِهِمْ لَهُ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَمُعَانَدَةِ الْحَقِّ وَكَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُمْ وَعَصَمَهُ مِنْ شَرِّهِمْ وَأَثَابَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَوْهِبَةِ الْجَزِيلَةِ وَعَوَّضَهُ النُّصْرَةَ بِالذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ قَالَ اللَّهُ، وَهُوَ أَجَلُّ قَائِلٍ ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مُوسَى ﵇ ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ [الدخان: ٢١] فَزِعَ نَبِيُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى الْعُزْلَةِ حِينَ ظَهَرَ لَهُ عِنَادُهُمْ فِي قَبُولِ الدَّعْوَةِ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى مُنَابَذَةِ الْحَقِّ وَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ: ﴿وَإِذ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ [الكهف: ١٦] وَكَانُوا قَوْمًا كَرِهُوا الْمَقَامَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَفَرُّوا مِنْ فِتْنَةِ الْكُفْرِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَصَرَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ شَرَّهُمْ وَدَفَعَ عَنْهُمْ بَأْسَهُمْ وَرَفَعَ فِي الصَّالِحِينَ ذِكْرَهُمْ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ ﵁: وَقَدِ اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَوْمَهُ قُرَيْشًا لَمَّا جَفَوْهُ وَآذَوْهُ فَدَخَلَ الشِّعْبَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِاعْتِزَالِهِمْ وَالْهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا حَتَّى تَلَاحَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ وَتَوَافَوْا بِهَا مَعَهُ فَأَعْلَى اللَّهُ كَلِمَتَهُ وَتَوَلَّى إِعْزَازَهُ وَنُصْرَتَهُ ﷺ. وَالْعُزْلَةُ عِنْدَ الْفِتْنَةِ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَعِصْمَةُ الْأَوْلِيَاءِ وَسِيرَةُ الْحُكَمَاءِ الْأَلِبَّاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَلَا أَعْلَمُ لِمَنْ عَابَهَا عُذْرًا لَاسِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الْقَلِيلِ خَيْرُهُ الْبَكِيءُ دَرُّهُ وَبِاللَّهِ نَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّهِ وَرَيْبِهِ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: «لِيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ دِينَكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ»
1 / 8
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ نُصَيْرٍ الْخَلَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ، فَقَالَ ﷺ: «إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ ﷺ: «الْزَمْ بَيْتَكَ وَأَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ الْخَاصَّةِ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ» قَالَ الشَّيْخُ ﵁: قَدْ نَصَحَ ﷺ كَثِيرًا وَلَمْ يَأْلُ شَفَقَةً وَنُصْحًا وَكَانَ جَدِيرًا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَبِهِ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ قَالَ ﷾ ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَسَمَ لَهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَى قِسْمَيْنِ اثْنَيْنِ فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ قِسْمُ أَمْرِ الدِّينِ «خُذْ مَا تَعْرِفُ» فَكَانَ هَذَا إِشَارَةً إِلَى مَعْهُودٍ تَعَارَفُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَكَانَ الَّذِي تَعَارَفُوهُ مَعْهُودًا مِنْ حُقُوقِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقًا بِهِمْ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ: إِقَامَةَ الصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ وَأَدَاءَ الزَّكَاةِ إِلَيْهِمْ وَجِهَادَ الْكُفَّارِ مَعَهُمْ، إِلَى مَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَلِيَهَا الْأُمَرَاءُ فَأَمَرَهُ بِطَاعَتِهِمْ فِيهَا ثُمَّ قَالَ: «وَدَعْ مَا تُنْكِرُ» وَهُوَ كُلُّ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنَ الْفِتَنِ وَنَشَبَ بَيْنَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مِنَ الْحُرُوبِ وَالتَّنَازُعِ فِي الْمُلْكِ يَقُولُ: إِذَا دَعَوْكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَدَعْهُمْ وَاعْتَزِلْهُمْ وَلَا تَكُنْ مَعَهُمْ. ثُمَّ قَسَمَ ﷺ لَهُ الْقِسْمَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي هِيَ قَسْمُ أَمْرِ دُنْيَاهُ فَقَالَ ﷺ: «عَلَيْكَ بِأَمْرِ الْخَاصَّةِ» وَهُوَ كُلُّ مَا يَخُصُّهُ وَيَعْنِيهِ وَيَخُصُّ كُلَّ إِنْسَانٍ فِي ذَاتِهِ مِنْ إِعَالَةِ أَهْلِهِ وَسِيَاسَةِ ذَوِيهِ وَالْقِيَامِ لَهُمْ وَالسَّعْيِ فِي مَصَالِحِهِمْ وَنَهَاهُ عَنِ التَّعَرُّضِ لِأَمْرِ الْعَامَّةِ وَالتَّعَاطِي لِسِيَاسَتِهِمْ وَالتَّرَأُّسِ عَلَيْهِمْ وَالتَّوَسُّطِ فِي أُمُورِهِمْ ⦗١٠⦘ فَقَالَ ﷺ: «دَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ» فَقَدْ نَظَمَ ﷺ الطَّوِيلَ الْعُرَيْضَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فِي الْقَصِيرِ الْوَجِيزِ مِنْ كَلَامِهِ
1 / 9
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَشْعَثَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شِعَافَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجُشَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَسْلَمُ لِذِي دِينٍ دِينُهُ إِلَّا مَنْ فَرَّ بِدِينِهِ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ وَمِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ وَمِنْ جُحْرٍ إِلَى جُحْرٍ كَالثَّعْلَبِ الَّذِي يَرُوغُ» قَالُوا: وَمَتَى ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ تُنَلِ الْمَعِيشَةُ إِلَّا بِمَعَاصِي اللَّهِ ﷿ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ حَلَّتِ الْعُزُوبَةُ " قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ أَمَرْتَنَا بِالتَّزَوُّجِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ كَانَ هَلَاكُ الرَّجُلِ عَلَى يَدَيْ أَبَوَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبَوَانِ فَعَلَى يَدَيْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا وَلَدٌ فَعَلَى يَدَيْ قَرَابَتِهِ» قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُعَيِّرُونَهُ بِضِيقِ الْمَعِيشَةِ فَيَتَكَلَّفُ مَا لَا يُطِيقُ حَتَّى يُورِدَهُ مَوَارِدَ الْهَلَكَةِ»
فِي نُسْخَةٍ لِلشَّيْخِ ⦗١١⦘ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَمَوَيْهِ الْبُرْجَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجُشَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَسْلَمُ لِذِي دِينٍ دِينُهُ إِلَّا مَنْ فَرَّ بِدِينِهِ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ وَمِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ وَمِنْ جُحْرٍ إِلَى جُحْرٍ كَالثَّعْلَبِ الَّذِي يَرُوغُ» قَالُوا: وَمَتَى ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ تُنَلِ الْمَعِيشَةُ إِلَّا بِمَعَاصِي اللَّهِ ﷿ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ حَلَّتِ الْعُزُوبَةُ " قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ أَمَرْتَنَا بِالتَّزَوُّجِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ كَانَ هَلَاكُ الرَّجُلِ عَلَى يَدَيْ أَبَوَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبَوَانِ فَعَلَى يَدَيْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا وَلَدٌ فَعَلَى يَدَيْ قَرَابَتِهِ» قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُعَيِّرُونَهُ بِضِيقِ الْمَعِيشَةِ فَيَتَكَلَّفُ مَا لَا يُطِيقُ حَتَّى يُورِدَهُ مَوَارِدَ الْهَلَكَةِ»
فِي نُسْخَةٍ لِلشَّيْخِ ⦗١١⦘ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَمَوَيْهِ الْبُرْجَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ»
1 / 10
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ وَابِصَةَ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: " ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْفِتْنَةَ وَأَيَّامَ الْهَرْجِ قُلْتُ: وَمَا الْهَرْجُ قَالَ: «حِينَ لَا يَأْمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ» قُلْتُ: فَبِمَ تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَانَ؟ قَالَ: «تَكُفُّ نَفْسَكَ وَيَدَكَ وَادْخُلْ دَارَكَ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ دَارِي؟ قَالَ: «فَادْخُلْ بَيْتَكَ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ قَالَ: «فَادْخُلْ مَسْجِدَكَ وَاصْنَعْ هَكَذَا، وَقَبَضَ بِيَمِينِهِ عَلَى الْكُوعِ، وَقُلْ رَبِّيَ اللَّهُ حَتَّى تَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ: قَدْ أَنْذَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُمَّتَهُ أَيَّامَ الْهَرْجِ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ وَحَذَّرَهُمْ فِتْنَةً وَأَوْضَحَ فِي هَذَا الْخَبَرِ مَعْنَاهُ وَذَكَرَ أَنَّ أَمَارَةَ الْهَرْجِ أَنْ لَا يَأْمَنَ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، فَتَأَمَّلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَإِنْ كُنْتُمْ لَا تَأْمَنُونَ جُلَسَاءَكُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَلَا تَسْلَمُونَ عَلَى أَكْثَرِ مَنْ تَصْحَبُونَهُ فَاعْلَمُوا أَنْ قَدْ حَلَّتِ الْعُزْلَةُ وَطَابَ الْهَرَبُ وَحَانَ الْفِرَارُ مِنْهُمْ. وَإِنْ كَانُوا عَلَى خِلَافِ هَذَا النَّعْتِ فَكُونُوا لَهُمْ عَلَى خِلَافِ هَذَا الرَّأْيِ وَمَا التَّوْفِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ
حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ ⦗١٢⦘: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ﵁ قَالَ: «خُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنَ الْعُزْلَةِ»
حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ ⦗١٢⦘: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ﵁ قَالَ: «خُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنَ الْعُزْلَةِ»
1 / 11
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الطَّيِّبِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُلَيْكٌ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجَوَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ ﵁: «فِي الْعُزْلَةِ رَاحَةٌ مِنْ خَلِيطِ السُّوءِ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ فَرْقَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ أَقَلَّ لِعَيْبِ الرَّجُلِ أَنْ يَجْلِسَ فِي دَارِهِ»
وَفِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ: نا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: نا حَفْصٌ قَالَ: نا ثَوْبَانُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْكَلَاعِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ يَكُفُّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَدِينَهُ وَعِرْضَهُ. وَإِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا تُلْهِي وَتُلْغِي»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو الزِّيبَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ فِي إِبِلٍ لَهُ وَغَنَمٍ فَأَتَاهُ ابْنُهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَتِ أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ؟ قَالَ: فَضَرَبَ سَعْدٌ صَدْرَ عُمَرَ بِيَدِهِ وَقَالَ: اسْكُتْ يَا بُنَيَّ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ» قَالَ الشَّيْخُ: كَانَ سَعْدٌ ﵀ مِمَّنِ اعْتَزَلَ أَيَّامَ الْفِتْنَةِ فَلَمْ يَكُنْ مَعَ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فَأَرَادُوهُ عَلَى الْخُرُوجِ فَأَبَى وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ فَرْقَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ أَقَلَّ لِعَيْبِ الرَّجُلِ أَنْ يَجْلِسَ فِي دَارِهِ»
وَفِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ: نا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: نا حَفْصٌ قَالَ: نا ثَوْبَانُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْكَلَاعِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ يَكُفُّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَدِينَهُ وَعِرْضَهُ. وَإِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا تُلْهِي وَتُلْغِي»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو الزِّيبَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ فِي إِبِلٍ لَهُ وَغَنَمٍ فَأَتَاهُ ابْنُهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَتِ أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ؟ قَالَ: فَضَرَبَ سَعْدٌ صَدْرَ عُمَرَ بِيَدِهِ وَقَالَ: اسْكُتْ يَا بُنَيَّ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ» قَالَ الشَّيْخُ: كَانَ سَعْدٌ ﵀ مِمَّنِ اعْتَزَلَ أَيَّامَ الْفِتْنَةِ فَلَمْ يَكُنْ مَعَ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فَأَرَادُوهُ عَلَى الْخُرُوجِ فَأَبَى وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
1 / 12
بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ الْفِلَسْطِينِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: " إِنَّ سَعْدًا لَمَّا دَعَوْهُ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَهُمْ أَبَى عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: " لَا إِلَّا أَنْ تُعْطُونِي سَيْفًا لَهُ عَيْنَانِ بَصِيرَتَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِالْكَافِرِ فَأَقْتُلُهُ وَالْمُؤْمِنِ فَأَكُفُّ عَنْهُ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا فَقَالَ: مَثَلُنَا وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا عَلَى مَحَجَّةٍ بَيْضَاءَ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَسِيرُونَ هَاجَتْ رِيحٌ عَجَّاجَةٌ فَضَلُّوا الطَّرِيقَ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الطَّرِيقُ ذَاتُ الْيَمِينِ فَأَخَذُوا فِيهَا فَتَاهُوا وَضَلُّوا وَقَالَ آخَرُونَ: الطَّرِيقُ ذَاتُ الشِّمَالِ فَأَخَذُوا فِيهَا فَتَاهُوا وَضَلُّوا وَقَالَ آخَرُونَ: كُنَّا فِي الطَّرِيقِ حَيْثُ هَاجَتِ الرِّيحُ فَنِيخَ فَأَنَاخُوا فَأَصْبَحُوا فَذَهَبَ الرِّيحُ وَتَبَيَّنَ الطَّرِيقُ فَهَؤُلَاءِ هُمُ الْجَمَاعَةُ. قَالُوا: نَلْزَمُ مَا فَارَقْنَا عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَتَّى نَلْقَاهُ وَلَا نَدْخُلَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفِتَنِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: قَالَ مَيْمُونٌ: فَصَارَ الْجَمَاعَةُ وَالْفِئَةُ الَّتِي تَدَّعِي عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ مَا كَانَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ اعْتَزَلُوا الْفِتَنَ حَتَّى أَذْهَبَ اللَّهُ الْفُرْقَةَ وَجَمَعَ الْأُلْفَةَ فَدَخَلُوا الْجَمَاعَةَ وَلَزِمُوا الطَّاعَةَ وَانْقَادُوا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ نَجَا وَمَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ وَقَعَ فِي الْمَهَالِكِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَمِمَّنِ اعْتَزَلَ تِلْكَ الْفِتْنَةَ فَلَمْ يَكُنْ مَعَ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ حَتَّى انْجَلَتْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي عِدَّةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ قَالَ: " دَخَلْنَا عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: " إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا. قَالَ فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ فَدَخَلْنَا فَإِذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِهِمْ حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ ⦗١٤⦘ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: «ثَارَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَشَرَةُ آلَافٍ فَلَمْ يَخِفَّ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ قَالَ: " دَخَلْنَا عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: " إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا. قَالَ فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ فَدَخَلْنَا فَإِذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِهِمْ حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ ⦗١٤⦘ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: «ثَارَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَشَرَةُ آلَافٍ فَلَمْ يَخِفَّ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا»
1 / 13
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّيبَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، يَوْمَ صِفِّينَ يَقُولُ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: " يَا بُنَيَّ انْظُرْ أَيْنَ تَرَى عَلِيًّا. قَالَ: أَرَاهُ فِي تِلْكَ الْكَتِيبَةِ الْقَتْمَاءِ ذَاتِ الرَّمَّاحِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ قَالَ: لِلَّهِ دَرُّ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ لَئِنْ كَانَ تَخَلُّفُهُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ خَيْرًا كَانَ خَيْرًا مَبْرُورًا وَلَئِنْ كَانَ ذَنْبًا كَانَ ذَنْبًا مَغْفُورًا. فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: أَيْ أَبَتِ فَمَا يَمْنَعُكَ إِذْ غَبَطْتَهُمْ أَنْ تَرْجِعَ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الشَّيْخَ مِثْلِي إِذَا دَخَلَ فِي الْأَمْرِ لَمْ يَدَعُهْ حَتَّى يُحْكَّمُهُ " أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «إِذَا حَكَكْتُ قَرْحَةً أَدْمَيْتُهَا»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: " لَمَّا اشْتَدَّ الْقِتَالُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَرَأَى عَلِيٌّ ﵁ الرُءُوسَ تَنْدَرُ أَخَذَ الْحَسَنَ ابْنَهُ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ يَا حَسَنُ أَيُّ خَيْرٍ يُرْجَى بَعْدَ هَذَا "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ الرِّيَاشِيَّ، يَقُولُ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَعَفَّ النَّاسِ فِيهَا، فَأَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَمَعَ ابْنَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ وَمُحَمَّدًا فَقَالَ: «يَا بَنِيَّ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ غَادِينَ مُضْطَرِبِينَ وَلَيْسَ مِثْلِي يَرْضَى بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَإِلَى مَنْ تَرَيَانِ؟» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ أَمَّا إِذَا ثَبَتَّ فَإِلَى عَلِيٍّ. قَالَ: «يَا بُنَيَّ إِنِّي إِنْ أَتَيْتُ عَلِيًّا كُنْتُ عِنْدَهُ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ أَشْرَكَنِي فِي أَمْرَهِ» قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خِيرَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَشَدِّ الصَّحَابَةِ حَذَرًا مِنَ الْوُقُوعِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: " لَمَّا اشْتَدَّ الْقِتَالُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَرَأَى عَلِيٌّ ﵁ الرُءُوسَ تَنْدَرُ أَخَذَ الْحَسَنَ ابْنَهُ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ يَا حَسَنُ أَيُّ خَيْرٍ يُرْجَى بَعْدَ هَذَا "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ الرِّيَاشِيَّ، يَقُولُ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَعَفَّ النَّاسِ فِيهَا، فَأَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَمَعَ ابْنَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ وَمُحَمَّدًا فَقَالَ: «يَا بَنِيَّ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ غَادِينَ مُضْطَرِبِينَ وَلَيْسَ مِثْلِي يَرْضَى بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَإِلَى مَنْ تَرَيَانِ؟» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ أَمَّا إِذَا ثَبَتَّ فَإِلَى عَلِيٍّ. قَالَ: «يَا بُنَيَّ إِنِّي إِنْ أَتَيْتُ عَلِيًّا كُنْتُ عِنْدَهُ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ أَشْرَكَنِي فِي أَمْرَهِ» قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خِيرَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَشَدِّ الصَّحَابَةِ حَذَرًا مِنَ الْوُقُوعِ
1 / 14
فِي الْفِتَنِ وَأَكْثَرَهُمْ تَحْذِيرًا لِلنَّاسِ مِنَ الدُّخُولِ فِيهَا وَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَهُ وَلَمْ يُدَافِعْ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَهُ فَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَّاهَا مَعَ الْحَجَّاجِ وَكَانَ يَقُولُ: «إِذَا دَعَوْنَا إِلَى اللَّهِ أَجَبْنَاهُمْ وَإِذَا دَعَوْنَا إِلَى الشَّيْطَانِ تَرَكْنَاهُمْ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْحَارِثِيُّ كُرَيْزَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَإِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَهُ وَسَمِعَ مُؤَذِّنَ الْحَجَّاجِ، انْطَلَقَ فَصَلَّى مَعَهُ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَعَ الْحَجَّاجِ؟ فَقَالَ: «إِذَا دَعَوْنَا إِلَى اللَّهِ أَجَبْنَاهُمْ وَإِذَا دَعَوْنَا إِلَى الشَّيْطَانِ تَرَكْنَاهُمْ وَكَانَ يَنْهَى ابْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ طَلَبِ الْخِلَافَةِ وَالتَّعَرُّضِ لَهَا»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ثَنَا غَسَّانُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ السَّدُوسِيُّ عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ: " لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَصَلَبَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ يُغَايِظُ بِهِ قُرَيْشَ الْمَدِينَةِ فَمَرَّ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَاللَّهِ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، ثَلَاثًا، وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتَ صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولًا لِلرَّحِمِ وَاللَّهِ لَأُمَّةٌ أَنْتَ شَرُّهَا لَنِعْمَ تِلْكَ الْأُمَّةُ. ثُمَّ مَضَى. فَكَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا يَكْرَهُ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ﵄ الْخُرُوجَ إِلَى الْعِرَاقِ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالِانْصِرَافِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَبَى إِلَّا مُضِيًّا لِوَجْهِهِ فَجَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْمِ مَا جَرَى حَسِيبُهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَمُكَافِيهِمْ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ بِمَالِهِ فَبَلَغَهُ أَنَّ ⦗١٦⦘ الْحُسَيْنَ ﵁ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَحِقَهُ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِذَا مَعَهُ طَوَامِيرُ وَكُتُبٌ فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُهُمْ وَبَيْعَتُهُمْ فَقَالَ: لَا تَأْتِهِمُ، فَأَبَى، فَقَالَ: " إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا إِنَّ جَبْرَائِيلَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ وَلَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا وَإِنَّكُمْ بِضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاللَّهِ لَا يَلِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ أَبَدًا وَمَا صَرَفَهَا عَنْكُمْ إِلَّا لِلَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ. قَالَ: فَاعْتَنَقَهُ ابْنُ عُمَرَ وَبَكَى وَقَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْحَارِثِيُّ كُرَيْزَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَإِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَهُ وَسَمِعَ مُؤَذِّنَ الْحَجَّاجِ، انْطَلَقَ فَصَلَّى مَعَهُ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَعَ الْحَجَّاجِ؟ فَقَالَ: «إِذَا دَعَوْنَا إِلَى اللَّهِ أَجَبْنَاهُمْ وَإِذَا دَعَوْنَا إِلَى الشَّيْطَانِ تَرَكْنَاهُمْ وَكَانَ يَنْهَى ابْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ طَلَبِ الْخِلَافَةِ وَالتَّعَرُّضِ لَهَا»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ثَنَا غَسَّانُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ السَّدُوسِيُّ عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ: " لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَصَلَبَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ يُغَايِظُ بِهِ قُرَيْشَ الْمَدِينَةِ فَمَرَّ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَاللَّهِ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، ثَلَاثًا، وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتَ صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولًا لِلرَّحِمِ وَاللَّهِ لَأُمَّةٌ أَنْتَ شَرُّهَا لَنِعْمَ تِلْكَ الْأُمَّةُ. ثُمَّ مَضَى. فَكَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا يَكْرَهُ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ﵄ الْخُرُوجَ إِلَى الْعِرَاقِ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالِانْصِرَافِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَبَى إِلَّا مُضِيًّا لِوَجْهِهِ فَجَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْمِ مَا جَرَى حَسِيبُهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَمُكَافِيهِمْ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ بِمَالِهِ فَبَلَغَهُ أَنَّ ⦗١٦⦘ الْحُسَيْنَ ﵁ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَحِقَهُ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِذَا مَعَهُ طَوَامِيرُ وَكُتُبٌ فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُهُمْ وَبَيْعَتُهُمْ فَقَالَ: لَا تَأْتِهِمُ، فَأَبَى، فَقَالَ: " إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا إِنَّ جَبْرَائِيلَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ وَلَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا وَإِنَّكُمْ بِضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاللَّهِ لَا يَلِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ أَبَدًا وَمَا صَرَفَهَا عَنْكُمْ إِلَّا لِلَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ. قَالَ: فَاعْتَنَقَهُ ابْنُ عُمَرَ وَبَكَى وَقَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ "
1 / 15
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَاذَانَ الْكَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّاجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ قَدْ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «فَسَادُ النَّاسِ وَحَيْفُ الْأَئِمَّةِ» أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ: أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: «الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ:: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ اللَّخْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: " لَمَّا بَنَى عُرْوَةُ قَصْرَهُ بِالْعَقِيقِ لَزِمَهُ قِيلَ لَهُ: مَا لَكَ لَزِمْتَ هَذَا الْقَصْرَ وَتَرَكْتَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ: " رَأَيْتُ مَسَاجِدَكُمْ لَاهِيَةً وَأَسْوَاقَكُمْ لَاغِيَةً وَالْفَاحِشَةُ فِي فِجَاجِكُمْ عَالِيَةً وَكَانَ فِيمَا هُنَالِكَ عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ عَافِيَةٌ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْكَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: " قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَلَا تَأْتِي الْمَدِينَةَ؟ فَقَالَ: «مَا بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا حَاسِدٌ لِنِعْمَةٍ أَوْ فَرِحٌ بِنِقْمَةٍ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الدَّرَفْسُ، ح. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ ⦗١٧⦘ بْنُ الْحَوَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَارُوحٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ وَهُوَ فِي دَارِهِ بِالْكُوفَةِ جَالِسٌ وَحْدَهُ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هَذِهِ الدَّارِ؟ فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَحَدًا يَسْتَوْحِشُ مَعَ اللَّهِ ﷿» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ مَا أَشْرَفَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ وَأَعْلَى هَذِهِ الدَّرَجَةَ وَأَعْظَمَ هَذِهِ الْمَوْهِبَةَ إِنَّمَا لَا يَسْتَوْحِشُ مَعَ اللَّهِ مَنْ عَمَّرَ قَلْبَهُ بِحُبِّهِ، وَأَنَسَ بِذِكْرِهِ، وَأَلِفَ مُنَاجَاتِهِ بِسِرِّهِ وَشُغِلَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ مُسْتَأْنِسٌ بِالْوَحْدَةِ مُغْتَبِطٌ بِالْخُلْوَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ:: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ اللَّخْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: " لَمَّا بَنَى عُرْوَةُ قَصْرَهُ بِالْعَقِيقِ لَزِمَهُ قِيلَ لَهُ: مَا لَكَ لَزِمْتَ هَذَا الْقَصْرَ وَتَرَكْتَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ: " رَأَيْتُ مَسَاجِدَكُمْ لَاهِيَةً وَأَسْوَاقَكُمْ لَاغِيَةً وَالْفَاحِشَةُ فِي فِجَاجِكُمْ عَالِيَةً وَكَانَ فِيمَا هُنَالِكَ عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ عَافِيَةٌ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْكَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: " قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَلَا تَأْتِي الْمَدِينَةَ؟ فَقَالَ: «مَا بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا حَاسِدٌ لِنِعْمَةٍ أَوْ فَرِحٌ بِنِقْمَةٍ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الدَّرَفْسُ، ح. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ ⦗١٧⦘ بْنُ الْحَوَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَارُوحٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ وَهُوَ فِي دَارِهِ بِالْكُوفَةِ جَالِسٌ وَحْدَهُ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هَذِهِ الدَّارِ؟ فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَحَدًا يَسْتَوْحِشُ مَعَ اللَّهِ ﷿» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ مَا أَشْرَفَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ وَأَعْلَى هَذِهِ الدَّرَجَةَ وَأَعْظَمَ هَذِهِ الْمَوْهِبَةَ إِنَّمَا لَا يَسْتَوْحِشُ مَعَ اللَّهِ مَنْ عَمَّرَ قَلْبَهُ بِحُبِّهِ، وَأَنَسَ بِذِكْرِهِ، وَأَلِفَ مُنَاجَاتِهِ بِسِرِّهِ وَشُغِلَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ مُسْتَأْنِسٌ بِالْوَحْدَةِ مُغْتَبِطٌ بِالْخُلْوَةِ
1 / 16
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآبُرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ فَارِسَ بْنَ عِيسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " وَجَدْتُ صَخْرَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَيْهَا أَسْطُرٌ. فَجِئْتُ بِمَنْ تَرْجَمَهَا فَإِذَا عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: كُلُّ عَاصٍ مُسْتَوْحِشٌ وَكُلُّ مُطِيعٍ مُسْتَأْنِسٌ وَكُلُّ خَائِفٍ هَارِبٌ وَكُلُّ رَاجٍ طَالِبٌ وَكُلُّ قَانِعٍ غَنِيُّ وَكُلُّ مُحِبٍّ ذَلِيلٌ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ أَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ:
[البحر المتقارب]
فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَوْحَشَتْكَ الذُّنُوبُ ... فَدَعْهَا إِذَا شِئْتَ وَاسْتَأْنِسِ
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي رَجُلٌ فَاضِلٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا لِنَفْسِهِ فِي كَلِمَةٍ لَهُ:
وَيَأْنَسُ مِنْ وَحْدَةِ الْعَارِفِينَ ... فَأَوْحِشْ مِنْ وَحْدَةِ الْجَاهِلِ
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِنَّمَا يَسْتَوْحِشُ الْإِنْسَانُ بِالْوَحْدَةِ لِخَلَاءِ ذَاتِهِ وَعَدَمِ الْفَضِيلَةِ مِنْ نَفْسِهِ فَيَتَكَثَّرُ حِينَئِذٍ بِمُلَاقَاةِ النَّاسِ وَيَطْرُدُ الْوَحْشَةَ عَنْ نَفْسِهِ، بِالْكَوْنِ مَعَهُمْ فَإِذَا كَانَتْ ذَاتُهُ فَاضِلَةً طَلَبَ الْوَحْدَةَ لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْفِكْرَةِ وَيَتَفَرَّغَ لِاسْتِخْرَاجِ الْحِكْمَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الِاسْتِئْنَاسُ بِالنَّاسِ مِنْ عَلَامَاتِ الْإِفْلَاسِ
قَالَ الشَّيْخُ وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ اللَّخْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ: " جِئْتُ أَطْلُبُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فَاطَّلَعْتُ فَلَمْ أَرَهُ فَأَعَدْتُ النَّظَرَ فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ ⦗١٨⦘ تَحْتَ السَّرِيرِ وَقَدْ فَرَّ مِنَ الْوَكْفِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: [البحر الخفيف] ارْضَ بِاللَّهِ صَاحِبًا ... وَذَرِ النَّاسَ جَانِبَا قَلِّبِ النَّاسَ كَيْفَ شِئْتَ ... تَجِدْهُمْ عَقَارِبَا
قَالَ الشَّيْخُ وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ اللَّخْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ: " جِئْتُ أَطْلُبُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فَاطَّلَعْتُ فَلَمْ أَرَهُ فَأَعَدْتُ النَّظَرَ فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ ⦗١٨⦘ تَحْتَ السَّرِيرِ وَقَدْ فَرَّ مِنَ الْوَكْفِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: [البحر الخفيف] ارْضَ بِاللَّهِ صَاحِبًا ... وَذَرِ النَّاسَ جَانِبَا قَلِّبِ النَّاسَ كَيْفَ شِئْتَ ... تَجِدْهُمْ عَقَارِبَا
1 / 17
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَلْمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، ﵀ يَقُولُ: «كَفَى بِاللَّهِ مُحِبًّا، وَبِالْقُرْآنِ مُؤْنِسًا، وَبِالْمَوْتِ وَاعِظًا اتَّخِذِ اللَّهَ صَاحِبًا وَذَرِ النَّاسَ جَانِبًا»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّاهِدُ قَالَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَوْصِنِي. قَالَ: «صُمْ عَنِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ فِطْرَكَ الْآخِرَةَ وَفِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ»
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عِمْرَانَ التَّغْلَبِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ السَّمَّاكِ، يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيْنَا صَاحِبٌ لَنَا: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا دَوَاءً يُتَدَاوَى بِهِ فَأَصْبَحُوا دَاءً لَا يَقْبَلُ الدَّوَاءَ فَفِرَّ مِنْهُمْ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ وَاتَّخِذِ اللَّهَ تَعَالَى مُؤْنِسًا، وَالسَّلَامُ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: " رَأَيْتُ شَرِيكًا وَقَدْ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْمَهْدِيِّ فَاحْتَوَشَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: اطْرُدْهُمْ عَنْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَأَنْطَرِدُ مَعَهُمْ "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ، ﵀ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " كَلِمَاتٌ أَحْفَظُهُنَّ مِنَ التَّوْرَاةِ: قَنَعَ ابْنُ آدَمَ فَاسْتَغْنَى اعْتَزَلَ النَّاسَ فَسَلِمَ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ فَصَارَ حُرًّا تَرَكَ الْحَسَدَ فَظَهَرَتْ مُرُوءَتُهُ صَبَرَ قَلِيلًا فَتَمَتَّعَ طَوِيلًا "
أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ ⦗١٩⦘ بْنُ قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ: " بَلَغَنَا أَنَّ الْحِكْمَةَ، عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ: تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ وَالْعَاشِرَةُ فِي عُزْلَةِ النَّاسِ " قَالَ الشَّيْخُ: وَرَأَيْتُ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ عُزْلَةُ النَّاسِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّاهِدُ قَالَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَوْصِنِي. قَالَ: «صُمْ عَنِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ فِطْرَكَ الْآخِرَةَ وَفِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ»
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عِمْرَانَ التَّغْلَبِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ السَّمَّاكِ، يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيْنَا صَاحِبٌ لَنَا: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا دَوَاءً يُتَدَاوَى بِهِ فَأَصْبَحُوا دَاءً لَا يَقْبَلُ الدَّوَاءَ فَفِرَّ مِنْهُمْ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ وَاتَّخِذِ اللَّهَ تَعَالَى مُؤْنِسًا، وَالسَّلَامُ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: " رَأَيْتُ شَرِيكًا وَقَدْ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْمَهْدِيِّ فَاحْتَوَشَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: اطْرُدْهُمْ عَنْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَأَنْطَرِدُ مَعَهُمْ "
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ، ﵀ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " كَلِمَاتٌ أَحْفَظُهُنَّ مِنَ التَّوْرَاةِ: قَنَعَ ابْنُ آدَمَ فَاسْتَغْنَى اعْتَزَلَ النَّاسَ فَسَلِمَ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ فَصَارَ حُرًّا تَرَكَ الْحَسَدَ فَظَهَرَتْ مُرُوءَتُهُ صَبَرَ قَلِيلًا فَتَمَتَّعَ طَوِيلًا "
أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ ⦗١٩⦘ بْنُ قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ: " بَلَغَنَا أَنَّ الْحِكْمَةَ، عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ: تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ وَالْعَاشِرَةُ فِي عُزْلَةِ النَّاسِ " قَالَ الشَّيْخُ: وَرَأَيْتُ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ عُزْلَةُ النَّاسِ
1 / 18
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ مُسْلِمٍ، يَقُولُ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ بَكَّارٍ: مَا أَصْبَرَكَ عَلَى الْوَحْدَةِ وَقَدْ كَانَ لَزِمَ الْبَيْتَ فَقَالَ: «كُنْتُ وَأَنَا شَابٌّ، أَصْبِرُ عَلَى أَشَدِّ مِنْ هَذَا كُنْتُ أُجَالِسُ النَّاسَ وَلَا أُكَلِّمُهُمْ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ طَبْطَبٌ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ النَّحْوِيُّ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالَ: " رَكِبْتُ فِي سَفِينَةٍ وَمَعَنَا شَابٌّ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ فَمَكَثَ مَعَنَا سَبْعًا لَا نَسْمَعُ لَهُ كَلَامًا فَقُلْنَا لَهُ: يَا هَذَا قَدْ جَمَعَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مُنْذُ سَبْعٍ لَا نَرَاكُ تُخَالِطُنَا وَلَا تُكَلِّمُنَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ: [البحر الوافر] قَلِيلُ الْهَمِّ لَا وَلَدٌ يَمُوتُ ... وَلَا أَمْرٌ يُحَاذِرُهُ السُّكُوتُ قَضَى وَطَرَ الصِّبَا وَأَفَادَ عِلْمًا ... فَغَايَتُهُ التَّفَرُّدُ وَالسُّكُوتُ" قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ هَذَا مِنْ نَمَطِ قَوْلِ سُفْيَانَ ﵀: هَذَا زَمَانُ السُّكُوتِ وَلُزُومِ الْبُيُوتِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ خُبَيْقٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخَذَهُ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ فَقَالَ: [البحر الوافر] زَمَانُكَ ذَا زَمَانُ لُزُومِ بَيْتٍ ... وَحِفْظٍ لِلِّسَانِ وَخَفْضِ صَوْتِ"
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الْخُزَيْمِيُّ، فِي إِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لِمُغِيرَةَ: «تَفَقَّهْ ثُمَّ اعْتَزِلْ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ ⦗٢٠⦘: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ قَالَ: قَالَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: «تَفَقَّهْ ثُمَّ اعْتَزِلْ» قَالَ: وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِمَنْصُورِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ: [البحر الخفيف] لَيْسَ هَذَا زَمَانَ قَوْلِكَ مَا الْحُكْمُ ... عَلَى مَنْ يَقُولُ أَنْتِ حَرَامْ وَالْحَقِي بَائِنًا بِأَهْلِكِ أَوْ ... أَنْتَ عَتِيقٌ مُحَرَّرٌ يَا غُلَامْ وَمَتَى تُنْكَحُ الْمُصَابَةُ فِي الْعِدَّةِ ... عَنْ شُبْهَةٍ وَكَيْفَ الْكَلَامُ فِي حَرَامٍ أَصَابَ سِنَّ غَزَالٍ ... فَتَوَلَّى وَلِلْغَزَالِ بُغَامْ إِنَّمَا ذَا زَمَانُ كَدْحٍ إِلَى الْمَوْ ... تِ وَقُوتٌ مُبَلِّغٌ وَالسَّلَامْ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ طَبْطَبٌ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ النَّحْوِيُّ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالَ: " رَكِبْتُ فِي سَفِينَةٍ وَمَعَنَا شَابٌّ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ فَمَكَثَ مَعَنَا سَبْعًا لَا نَسْمَعُ لَهُ كَلَامًا فَقُلْنَا لَهُ: يَا هَذَا قَدْ جَمَعَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مُنْذُ سَبْعٍ لَا نَرَاكُ تُخَالِطُنَا وَلَا تُكَلِّمُنَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ: [البحر الوافر] قَلِيلُ الْهَمِّ لَا وَلَدٌ يَمُوتُ ... وَلَا أَمْرٌ يُحَاذِرُهُ السُّكُوتُ قَضَى وَطَرَ الصِّبَا وَأَفَادَ عِلْمًا ... فَغَايَتُهُ التَّفَرُّدُ وَالسُّكُوتُ" قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ هَذَا مِنْ نَمَطِ قَوْلِ سُفْيَانَ ﵀: هَذَا زَمَانُ السُّكُوتِ وَلُزُومِ الْبُيُوتِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ خُبَيْقٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخَذَهُ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ فَقَالَ: [البحر الوافر] زَمَانُكَ ذَا زَمَانُ لُزُومِ بَيْتٍ ... وَحِفْظٍ لِلِّسَانِ وَخَفْضِ صَوْتِ"
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الْخُزَيْمِيُّ، فِي إِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لِمُغِيرَةَ: «تَفَقَّهْ ثُمَّ اعْتَزِلْ»
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ ⦗٢٠⦘: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ قَالَ: قَالَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: «تَفَقَّهْ ثُمَّ اعْتَزِلْ» قَالَ: وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِمَنْصُورِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ: [البحر الخفيف] لَيْسَ هَذَا زَمَانَ قَوْلِكَ مَا الْحُكْمُ ... عَلَى مَنْ يَقُولُ أَنْتِ حَرَامْ وَالْحَقِي بَائِنًا بِأَهْلِكِ أَوْ ... أَنْتَ عَتِيقٌ مُحَرَّرٌ يَا غُلَامْ وَمَتَى تُنْكَحُ الْمُصَابَةُ فِي الْعِدَّةِ ... عَنْ شُبْهَةٍ وَكَيْفَ الْكَلَامُ فِي حَرَامٍ أَصَابَ سِنَّ غَزَالٍ ... فَتَوَلَّى وَلِلْغَزَالِ بُغَامْ إِنَّمَا ذَا زَمَانُ كَدْحٍ إِلَى الْمَوْ ... تِ وَقُوتٌ مُبَلِّغٌ وَالسَّلَامْ
1 / 19
أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُطَهَّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ النَّحْوِيُّ قَالَ: " كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ لَمْجَةَ يَسْتَزِيرُنِي فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ:
[البحر الرمل]
أَنَسَتْ نَفْسِي بِنَفْسِي ... فَهِيَ فِي الْوَحْدَةِ أُنْسِي
وَإِذَا آنَسَتْ غَيْرِي ... فَأَحَقُّ النَّاسِ نَفْسِي
فَسَدَ النَّاسُ فَأَضْحَى ... جِنْسُهُمْ مِنْ شَرِّ جِنْسِ
فَلَزِمْتُ الْبَيْتَ إِلَّا ... عِنْدَ تَأْذِينِي لِخَمْسِ
قَالَ: وَكَانَ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِهِ قَالَ: وَأَنْشَدَنِي آخَرُ:
[البحر الكامل]
وَإِذَا ضَجَرْتُ بِوَحْدَتِي فَمُؤَانِسِي ... هُوَ وَحْشَتِي حَتَّى يَقُومَ الْقَاعِدُ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ:: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ: " سَأَلَنِي الرَّشِيدُ عَنْ أَعْرَابِ الْبَادِيَةِ، وَعَنْ أَخْبَارِهَا فَحَدَّثْتُهُ أَنِّي كُنْتُ فِي مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ الطِّخْفَةُ وَهِيَ قَرْيَةٌ لِبَنِي كِلَابٍ رَأَيْتُ فِيهَا أَعْرَابِيًّا فِي عُنُقِهِ طَوْقٌ مُلْتَوٍ مِنْ فِضَّةٍ وَبِيَدِهِ زُكْرَةٌ وَمَعَهُ قَدَحُ نَبْعٍ فَتَتَبَّعْتُ أَثَرَهُ فَجَاءَ إِلَى جِذْمِ حَائِطٍ فَجَمَعَ رُمَيْلَةً ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَيْهَا وَجَعَلَ يَصُبُّ مِنْ شَكْوَتِهِ نُبَاذَةً لَهُ فِي قَدَحِ النَّبْعِ وَيَشْرَبُهُ وَيَرْجُزُ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَوَقَفْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ: إِنَّ فِيهِ خِلَالًا ثَلَاثًا: إِنْ سَمِعَ مِنِّيَ حَدِيثًا لَمْ يُنْمِهِ عَلَيَّ وَإِنْ تَفَلْتُ فِي وَجْهِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ:: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ: " سَأَلَنِي الرَّشِيدُ عَنْ أَعْرَابِ الْبَادِيَةِ، وَعَنْ أَخْبَارِهَا فَحَدَّثْتُهُ أَنِّي كُنْتُ فِي مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ الطِّخْفَةُ وَهِيَ قَرْيَةٌ لِبَنِي كِلَابٍ رَأَيْتُ فِيهَا أَعْرَابِيًّا فِي عُنُقِهِ طَوْقٌ مُلْتَوٍ مِنْ فِضَّةٍ وَبِيَدِهِ زُكْرَةٌ وَمَعَهُ قَدَحُ نَبْعٍ فَتَتَبَّعْتُ أَثَرَهُ فَجَاءَ إِلَى جِذْمِ حَائِطٍ فَجَمَعَ رُمَيْلَةً ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَيْهَا وَجَعَلَ يَصُبُّ مِنْ شَكْوَتِهِ نُبَاذَةً لَهُ فِي قَدَحِ النَّبْعِ وَيَشْرَبُهُ وَيَرْجُزُ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَوَقَفْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ: إِنَّ فِيهِ خِلَالًا ثَلَاثًا: إِنْ سَمِعَ مِنِّيَ حَدِيثًا لَمْ يُنْمِهِ عَلَيَّ وَإِنْ تَفَلْتُ فِي وَجْهِهِ
1 / 20
احْتَمَلَ وَإِنْ عَرْبَدْتُ عَلَيْهِ لَمْ يَغْضَبْ، فَقَالَ الرَّشِيدُ زَهَّدْتَنِي فِي النُّدَمَاءِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ هَذَا مِنَ الْأَعْرَابِيِّ فِي وَزْنِ قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَقَدْ كَانَ لَزِمَ الْمَقَابِرَ فَكَانَ يَغْدُو إِلَيْهَا وَيَرُوحُ وَمَعَهُ دَفْتَرٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَمْ أَرْ أَسْلَمَ مِنْ وَحْدَةٍ وَلَا أَوْعَظَ مِنْ قَبْرٍ وَلَا جَلِيسًا أَمْتَعَ مِنْ دَفْتَرٍ. قَالَ: وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي نَمَطِ صَنِيعِ الْأَعْرَابِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَكْلِ مَا نَسْتَحْسِنُهُ، مَا أَنْشَدَنِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ لِبَعْضِهِمْ:
[البحر البسيط]
لَمَّا رَأَيْتُ الزَّمَانَ نَكِسًا ... وَلَيْسَ بِالْحِكْمَةِ انْتِفَاعْ
كُلُّ رَئِيسٍ لَهُ مَلَاكٌ ... وَكُلُّ رَأْسٍ لَهُ صُدَاعْ
لَزِمْتُ بَيْتِي وَصُنْتُ عِرْضًا ... بِهِ عَنِ الذِّلَّةِ امْتِنَاعْ
أَشْرَبُ مِمَّا ادَّخَرْتُ رَاحًا ... لَهَا عَلَى رَاحَتِي شُعَاعْ
لِي مِنْ قَوَارِيرِهَا نَدَامَى ... وَمِنْ قَوَاقِيزِهَا سَمَاعْ
وَأَجْتَنِي مِنْ عُقُولِ قَوْمٍ ... قَدْ أَقْفَرَتْ مِنْهُمُ الْبِقَاعُ
وَنُسْخَةُ الشَّيْخِ وَمِمَّا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
[البحر الطويل]
تَبَيَّنْ هَدَاكَ اللَّهُ وَابْتَغِ صَاحِبًا ... تَقِيًّا وَإِلَّا عِشْ وَصَاحِبُكَ الظِّلُّ
وَلِلْمُتَنَبِّي فِي هَذَا الْمَعْنَى:
[البحر الطويل]
أَجَلُّ مَكَانٍ رُمْتَهُ سَرْجُ سَابِحٍ ... وَخَيْرُ جَلِيسٍ فِي الزَّمَانِ كِتَابُ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقِيُّ قَالَ: " لَمَّا انْصَرَفَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنَ الْحَكَمَيْنِ نَزَلَ مَكَّةَ فَبَنَى سَقِيفَةً مِنْ حِجَارَةٍ عَلَى فُوَّهَةِ شِعْبِ أَبِي الدُّبِّ وَهُنَاكَ مَقْبَرَةٌ فَقَالَ: «أُجَاوِرُ قَوْمًا لَا يَغْدِرُونَ» يَعْنِي أَهْلَ الْقُبُورِ قَالَ: أَبُو سُلَيْمَانَ فَأَمَّا نَهْي النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الْهِجْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّ الْعُزْلَةَ لَا تَجْرِي مُجْرَاهَا وَلَا تَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا إِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مِنَ الْهِجْرَةِ مَا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ عَتَبٌ أَوْ مَوْجِدَةٌ وَمَا قَصَدْتَ بِهِ إِلَّا يُحَاشُ لِأَخِيكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقِيُّ قَالَ: " لَمَّا انْصَرَفَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنَ الْحَكَمَيْنِ نَزَلَ مَكَّةَ فَبَنَى سَقِيفَةً مِنْ حِجَارَةٍ عَلَى فُوَّهَةِ شِعْبِ أَبِي الدُّبِّ وَهُنَاكَ مَقْبَرَةٌ فَقَالَ: «أُجَاوِرُ قَوْمًا لَا يَغْدِرُونَ» يَعْنِي أَهْلَ الْقُبُورِ قَالَ: أَبُو سُلَيْمَانَ فَأَمَّا نَهْي النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الْهِجْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّ الْعُزْلَةَ لَا تَجْرِي مُجْرَاهَا وَلَا تَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا إِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مِنَ الْهِجْرَةِ مَا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ عَتَبٌ أَوْ مَوْجِدَةٌ وَمَا قَصَدْتَ بِهِ إِلَّا يُحَاشُ لِأَخِيكَ
1 / 21