366

ʿUyūn al-Tafāsīr liʾl-Fuḍalāʾ al-Samāsīr liʾl-Sīwāsī

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

[سورة الأعراف (7): آية 158]

قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون (158)

قوله (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) أمر للنبي عليه السلام باظهار ادعاء الرسالة بين الناس، وهو أول نداء نادى به النبي عليه السلام في مكة، وكان يدعوهم واحدا واحدا قبله لتبليغ «1» الرسالة سرا، ثم أظهر الدعوة بعده، فالمراد أهل مكة، وقيل «2»: سبب نزوله إن كل نبي بعث إلى قومه وبعث محمد عليه السلام إلى جميع الإنس والجن «3»، فأمره الله أن يعلم ذلك بقوله «قل يا أيها الناس »، فالمراد جميع الناس لا أهل مكة خاصة بدلالة قوله «جميعا»، وهو نصب على الحال من «إليكم»، أي إني أرسلت من الله إلى جميعكم لدعوتكم إلى الإيمان به، فقالوا: من هو؟ فقال عليه السلام هو (الذي له ملك السماوات والأرض) ف «الذي» خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون منصوبا بأعني، وجرا على الوصف وإن فصل بقوله «إليكم جميعا»، وأبدل من الصلة (لا إله إلا هو) أي لا معبود سواه، لأنه مالك أهل السماء والأرض، خالقهم ورازقهم (يحيي ويميت) أي يحيي الخلق من الماء «4» ويميتهم إذا انقضى أجلهم أو يميت الأحياء في الدنيا، ويحيي الأموات في الآخرة (فآمنوا بالله ورسوله) ولم يقل بي لتجري عليه صفاته بالاسم الظاهر، أي بمحمد (النبي الأمي الذي يؤمن بالله) أي يصدقه (وكلماته) أي وبالقرآن الذي أنزل منه (واتبعوه) فيما يأمركم به، وينهاكم عنه، يعني محمدا عليه السلام (لعلكم تهتدون) [158] أي إرادة أن تهتدوا من الضلالة.

[سورة الأعراف (7): آية 159]

ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (159)

ثم أخبر تعالى عن مؤمني بني إسرائيل بمحمد نبيا عليه السلام الثابتين بالاستقامة فقال (ومن قوم موسى أمة) أي جماعة (يهدون) أي يرشدون الناس (بالحق) أي بكلمة الحق (وبه) أي وبالحق (يعدلون) [159] بينهم في الحكم، لا يجورون كعبد الله بن سلام وأصحابه، وقيل: هم سبط سألوا الله أن يفرق بينهم وبين سائر الأسباط من بني إسرائيل الذين قتلوا أنبياءهم وهم تبرؤوا مما صنعوا، ففتح الله لهم نفقا في الأرض فساروا فيها سنة ونصفا حتى خرجوا من وراء الصين، وهم هناك حنفاء مسلمون يستقبلون قبلتنا «5»، قال ابن عباس:

«ليلة أسري بالنبي عليه السلام رفعه جبرائيل عليه السلام إليهم، وكلمهم وكلموه، فقال لهم جبرائيل: أتعرفون من تكلمون؟ قالوا: لا، قال: إن هذا محمد النبي الأمي فآمنوا به، فآمنوا بمحمد عليه السلام، ثم قرؤوا عليه السلام من موسى بايصائه لهم ذلك، فرد رسول الله عليه السلام على موسى عليه السلام، وعلمهم عشر سور من القرآن نزلت بمكة، ولم يكن فيها فريضة غير الصلوة والزكوة فعلمهما وأمرهم بفعلهم، وكانوا يعظمون السبت، فأمرهم أن يصلوا يوم الجمعة ويتركوا تعظيم السبت، وأمرهم أن يقيموا مكانهم ورجع من ليلته» «6».

[سورة الأعراف (7): آية 160]

وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (160)

ثم قال تعالى (وقطعناهم) أي فرقنا بني إسرائيل (اثنتي عشرة أسباطا) فنصب «اثنتي عشرة» حال، ونصب «أسباطا» بدل أو تمييز، وميز بالجمع، لأن «أسباطا» وضع موضع قبيلة، ولذلك أنثت «اثنتي عشرة»، يعني اثنتي عشرة قبيلة، كل قبيلة أسباط، قوله (أمما) نعت ل «أسباطا» أو بدل من «اثنتي عشرة»، أي قطعناهم أمما، لأن كل سبط منهم كان أمة عظيمة (وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه) في التيه (أن اضرب بعصاك الحجر)

Page 87