359

ʿUyūn al-Tafāsīr liʾl-Fuḍalāʾ al-Samāsīr liʾl-Sīwāsī

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

ثم أخبر تعالى عن جهالة بني إسرائيل بعد إنجائهم من عذاب فرعون وقومه بقوله (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) أي عبرنا بهم «1» من البحر، وكان ذلك يوم عاشوراء (فأتوا) أي فمروا (على قوم) وهم قبيلة لخم (يعكفون على أصنام لهم) أي يقيمون على عبادتها، بكسر الكاف وضمها «2»، من العكوف وهو الإقامة والمواظبة على شيء، ومنه المعتكف لملازم المسجد مع النية (قالوا) أي الجهال من بني إسرائيل (يا موسى اجعل لنا إلها) أي صنما نعبده ونعظمه (كما لهم آلهة) أي أصنام يعبدونها (قال) لهم موسى (إنكم قوم تجهلون) [138] خالقكم ومعبودكم وتكلمون بغير علم وعقل.

[سورة الأعراف (7): آية 139]

إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون (139)

(إن هؤلاء) أي عبدة الأصنام (متبر) أي متفرق مهدوم (ما هم فيه) أي الذي هم ثابتون عليه من عبادة الأصنام، يعني ليكسر الله أصنامهم ويهدم دينهم الذي هم عليه على يدي من التبر، وهو كسار الذهب (وباطل ما كانوا يعملون) [139] أي مضمحل عملهم لا ينتفعون به.

[سورة الأعراف (7): آية 140]

قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين (140)

(قال) موسى لهم توبيخا (أغير الله أبغيكم إلها) أي أأطلب لكم غير الله معبودا (وهو فضلكم على العالمين) [140] أي عالمي زمانكم بأنعمه عليكم.

[سورة الأعراف (7): آية 141]

وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم (141)

ثم بين الله تعالى «3» أنعمه إياهم بقوله (وإذ أنجيناكم) جمعا لتعظيم المتكلم، وقرئ مفردا «أنجاكم» «4» غيبة، والفاعل الله، أي اذكروا وقت إنجائنا إياكم (من آل فرعون) أي من عذابنا (يسومونكم) أي يعذبونكم (سوء العذاب) أي أشده (يقتلون) بالتخفيف والتشديد «5» (أبناءكم ويستحيون نساءكم) للخدمة (وفي ذلكم) أي في قتل الأبناء واستخدام النساء (بلاء) أي ابتلاء (من ربكم عظيم) [141] أي في الإنجاء «6» من عذابهم نعمة عظيمة من الله، والبلاء يطلق على النعمة والبلية.

[سورة الأعراف (7): آية 142]

وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين (142)

قوله (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) في إخبار عما سأل موسى ربه كتابا لبني إسرائيل يعملون به آمرا وناهيا بعد إغراق آل فرعون في البحر وإنجائهم منهم، فأمر الله موسى بصوم ثلثين يوما، وذلك بعد أن وعد موسى إسرائيل وهو بمصر إن أهلك الله عدوهم أتاهم بكتاب من عند الله، فيه بيان الحلال والحرام، قرئ «ووعدنا» بغير الألف وبالألف «7»، ومعناهما واحد، أي أمرنا موسى بأن يصوم ثلثين يوما، وإنما قال «ليلة»، لأن أول الشهور ليلة، ولأن الظلمة سابقة على النور (وأتممناها بعشر) لأنه لما تم صيام ثلثين يوما وهو شهر ذي القعدة، فأنكر خلوف فمه لمناجاة ربه فاستاك بعود خرنوب، فقالت له الملائكة: كنا نجد من فيك ريح المسك فأفسدته بالسواك، وأوحى الله إليه: أما علمت أن خلوف فم الصائم عندي أطيب من رائحة المسك، فأمره بصيام عشر

Page 80