Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genres
وأشار إلى أبي موسى الأشعري «1» (أذلة على المؤمنين) صفة «قوم»، وهي جمع ذليل بمعنى عطوف ولين، ولذا عدي ب «على» والأصل اللام (أعزة) أي أشداء وغلاظ (على الكافرين) المعنى: أنهم مع المؤمنين كالولد مع والده، وعلى الكافرين كالسبع على صيده (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) أي ملامة الناس فيما يعملون «2» من الطاعات كالمنافقين الذين يخافون الكفار (ذلك) أي ما وصف به القوم للمدح من الهدى «3» (فضل الله يؤتيه من يشاء) بتوفيقه ولطفه به (والله واسع) أي كثير الفضل واللطف (عليم) [54] بمن يصلح به.
[سورة المائدة (5): آية 55]
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (55)
ثم قال بعد نهيه عن موالاة الكفار حثا على موالاة المؤمنين (إنما وليكم) أي ناصركم بالمحبة والأصالة (الله ورسوله والذين آمنوا) بالمحبة والتبعية لله، روي: أن عبد الله بن سلام قال للنبي عليه السلام: «إن إخواننا بني قريظة والنضير من اليهود قد أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا في شيء» فنزلت الآية، فقال ابن سلام: «رضينا بالله وبرسوله والمؤمنين أولياء» «4»، قوله (الذين يقيمون الصلاة) رفع على أنه صفة «الذين آمنوا» أو بدل منهم، أي هم الذين يقيمونها، أي يتمونها (ويؤتون الزكاة) أي المفروضة أو الصدقة (وهم راكعون) [55] أي يفعلون الخيرات في حال ركوعهم، لأن عليا تصدق بخاتمه وهو في الصلوة فنزلت الآية في شأنه «5»، وإنما جمع ترغيبا لغيره في مثل حاله.
[سورة المائدة (5): آية 56]
ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون (56)
(ومن يتول الله) أي أحبه فاستنصره «6» (ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله) أي أنصاره وأتباع دينه (هم الغالبون) [56] أي القاهرون على أعدائه، والعاقبة لهم، والأصل فانهم هم الغالبون، فوضع «حزب الله» موضع الضمير تنبيها على فضل مرتبتهم عند الله.
[سورة المائدة (5): آية 57]
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين (57)
قوله (يا أيها الذين آمنوا) خطاب للمؤمنين باللسان دون القلب (لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم) أي الكفار (هزوا ولعبا) أي سخرية وباطلا (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) أي اليهود والنصارى (والكفار) بالجر بتقدير «من» وبالنصب «7» عطفا على «الذين اتخذوا»، أي مشركي العرب (أولياء) في العون والنصرة، ويجوز أن يكون خطابا للمخلصين نهيا عن موالاة الأعداء في الدين (واتقوا الله) عن ولاية الكفار (إن كنتم مؤمنين) [57] حقا لأن الإيمان الحق قطعكم عنهم فلم يبق بينكم وبينهم إلا البغضاء والشنآن.
[سورة المائدة (5): آية 58]
وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون (58)
قوله (وإذا ناديتم) أي إذا ندى المؤذن منكم (إلى الصلاة) بيان لاتخاذ الكفار دين الإسلام باطلا إظهارا لعداوتهم للمسلمين، لأنهم إذا أذن المؤذن وسمعوه (اتخذوها) أي المناداة إلى الصلوة (هزوا ولعبا) لأنهم كانوا إذا سمعوا الأذان أو رأوا المسلمين في الركوع والسجود ضحكوا واستهزؤا، قيل: فيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وغيره «8»، روي: أن النبي عليه السلام سأل جبرائيل عليه السلام من اتخذه مؤذنا؟ فقال:
Page 281