246

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

[سورة المائدة (5): آية 12]

ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل (12)

قوله (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل) نزل إخبارا للنبي عليه السلام وأمته عن بني إسرائيل وميثاقهم بموسى على أن يطيعوه فيما أمرهم ونقضهم إياه بعد ذلك، فلعنهم الله تعالى عقوبة به «1»، روي: أنه تعالى أمر موسى وقومه بالخروج من مصر حين استقروا فيها بعد هلاك فرعون إلى أريحا من أرض الشام للجهاد، وكان يسكنها الجبارون عوج وأصحابه، وقال هي دار قرار لكم وأمر موسى أن يأخذ من كل سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به توثقة عليهم، فاتخذ موسى من قومه اثني عشر رجلا، فعاهدهم أن يكفلوا بقومهم ولا يحدثوهم «2» بما يرون من الجبارين «3»، فأخبر تعالى عنه بقوله (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) أي كفيلا ينقب عن الأمور ويتعرفها (وقال الله) في التورية (إني معكم) أي معينكم وناصركم على عدوكم، فلما دنى موسى من أرض الجبارين بعث النقباء يتجسسون منهم، فرأوا أجراما عظاما وقوة وشوكة فهابوا ورجعوا، وحدثوا قومهم ما رأوا من الجبارين، فنقضوا العهد إلا كالوب ابن يوفنا ويوشع بن نون، فانهما أمرا قومهما بالقتال، فقال تعالى (لئن أقمتم الصلاة) أي والله لئن أتممتم الصلوة (وآتيتم الزكاة) لأهلها (وآمنتم برسلي وعزرتموهم) أي نصرتموهم أو وقرتموهم (وأقرضتم الله قرضا حسنا) أي أحسنتم إلى الناس بطيبة نفس «4» وأنفقتم في سبيل الله (لأكفرن) جواب القسم المحذوف وجواب الشرط المذكور معا، أي لأمحون (عنكم سيئاتكم) أي ذنوبكم (ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار) يعني لأنصرنكم في الدنيا ولأثيبنكم في الآخرة (فمن كفر بعد ذلك) بنقض العهد والميثاق (منكم فقد ضل سواء السبيل) [12] أي أخطأ طريق الحق وتمادي عنه، وزاد قبحه من الضلال الأول «5»، لأن الضلال بعد نعمة الله العظيم بكفرانها أطهر وأعظم.

[سورة المائدة (5): آية 13]

فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين (13)

ثم أخبر الله تعالى بقوله (فبما نقضهم ميثاقهم) أي بسبب نقضهم عهدهم «6» بعد ذلك العهد (لعناهم) أي طردناهم عن رحمتنا أو عذبناهم بالمسخ أو ضربنا عليهم الجزية (وجعلنا قلوبهم قاسية) بالألف والتخفيف، أي شديدة يابسة أو خالية عن حلاوة الإيمان، وقرئ قسية بطرح الألف وتشديد الياء «7»، أي ردية مغشوشة (يحرفون الكلم) بيان لقسوة قلوبهم، لأن قسي قلبه يعصي ربه، أي يبدلون كلمات الله في كتابه وهو تغيير نعت محمد عليه السلام وبعض الأحكام (عن مواضعه) التي وضع عليها من الصحة «8» بعد ما وافق القرآن (ونسوا حظا مما ذكروا به) أي تركوا نصيبا مما أمروا به في كتابهم (ولا تزال تطلع) أي تقف يا محمد (على خائنة) أي على خيانة (منهم) وهي نقض العهد وموالاة الكفار لحربك، يعني ذلك عادتهم، لأن آباءهم كانوا يخونون الرسل، وهؤلاء يخونونك وينقضون عهدك ويظاهرون المشركين على حربك (إلا قليلا منهم) وهم الذين آمنوا منهم ولم ينقضوا العهد (فاعف عنهم ) أي تجاوز عن عقوبتهم (واصفح) أي أعرض عنهم (إن الله يحب المحسنين) [13] أي الذين يعفون عن الناس، ونسخ بآية السيف «9».

Page 265