Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genres
في السماوات وما في الأرض) من الملائكة وغيرهم، فهم أطوع منكم، وهو غني عنكم وعن طاعتكم (وكان الله غنيا) عن جميع خلقه (حميدا) [131] أي محمودا في فعله وقوله.
[سورة النساء (4): آية 132]
ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا (132)
(ولله ما في السماوات وما في الأرض) أي كله ملكه ومخلوقه مفترقون إليه، لأنه رازقهم ومدبر أمورهم دينا ودنيا، كرره تقريرا لما يوجب التقوى منه، فيجب أن يتقي (وكفى بالله وكيلا) [132] أي ربا حفيظا فيجب أن تتكلوا عليه، لا على غيره.
[سورة النساء (4): آية 133]
إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا (133)
ثم هدد المشركين والعاصين بقوله (إن يشأ يذهبكم أيها الناس) أي يعدمكم في الدنيا إذا عصيتم أمره (ويأت بآخرين) أي يوجد قوما أطوع منكم فيما يأمرهم (وكان الله على ذلك) أي على الإعدام والإيجاد كما يريد (قديرا) [133] أي بليغ القدرة عليه، قيل: في هذه الآية تخويف وتنبيه لكل من كانت له ولاية وحكم على الغير من الأمراء والقضاة والنواب الذين لم يعدلوا بين الناس، ومنهم العالمون الذين لم يعملوا بعلمهم ولم ينصحوا الناس ليهتدوا في الدين «1».
[سورة النساء (4): آية 134]
من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا (134)
ثم قال (من كان يريد ثواب الدنيا) أي من يقصد بعمله الذي يعمل من أعمال الآخرة حطام الدنيا ولذاتها كالمجاهد يريد بجهاده الغنيمة والقارئ يريد بقراءته الأجر دون ثواب الآخرة (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) أي فعنده ثوابان، الأعلى والأدنى، فلا يطلب شيئا إلا منه أو المعنى: فما له يطلب أحدهما دون الآخر، والذي يطلبه أخسهما وهو كلا شيء في جنب الأعلى، وهو ثواب الآخرة فليعمل لآخرته، روي عن النبي عليه السلام: «إن في جهنم واديا يتعوذ منه جهنم أعد للقراء المرائين» «2»، والمراد منهم «3» العلماء والحفاظ الذين يفتخرون بما فيهم ويأكلون به، وقال عليه السلام: «إن شر الناس من قرأ كتاب الله وتفقه في دين الله، ثم يذل نفسه لفاجر إذا تفكه بقراءته ومحادثته فيطيع الله على قلب القارئ والمستمع» «4» (وكان الله سميعا) بأقوالهم (بصيرا) [134] أي بليغا في العلم بأعمالهم ونياتهم، فيجازيهم بها.
[سورة النساء (4): آية 135]
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا (135)
ثم أمر الناس بالعدل ونهاهم عن الجور بقوله (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط) أي مجتهدين في العدل حتى لا تجوروا (شهداء لله) نصب على الحال، أي حال كونكم مقيمين شهادتكم لوجه الله تعالى كما أمرتم باقامتها (ولو على أنفسكم) أي أدوها إذا كانت عندكم شهادة ولو شهدتم على أنفسكم، وذلك بأن تقروا عليها فيكون إقراركم شهادة على أنفسكم أو المعنى: ولو كان ضررها على أنفسكم، وذلك بأن يشهد الرجل على من يتوقع ضرره من سلطان أو ظالم (أو الوالدين والأقربين) أي ولو كانت الشهادة على هؤلاء أيضا، ولا تكتموها (إن يكن) المشهود عليه أو له (غنيا أو فقيرا) يعني لا تميلوا إلى الغني لغناه، ولا تكتموا الشهادة على الفقير لأجل فقره ترحما عليه (فالله أولى بهما) أي أحرى «5» بالأغنياء والفقراء بالنظر إلى حالهما وإرادة مصالحهما منكم فكلوا أمرهما إلى الله، والمراد من «الغني» و «الفقير» جنساهما، ولذا رد الضمير
Page 244