Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genres
(ولا تجادل) أي لا تخاصم (عن الذين يختانون أنفسهم) أي يضرون نفوسهم بالسرقة وهم طعمة وقومه الذين شهدوا له بالبراءة ونصروه ، وكانوا شركاء في الإثم، قيل: هذا خطاب للنبي عليه السلام والمراد غيره «1» (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) [107] أي خائنا بالسرقة، فاجرا برميه على غيره، وإنما ذكره بصيغة المبالغة، لأنه بالغ في الخيانة باليمين الكاذبة والسرقة والتهمة للغير، قيل: إن الله لا يؤاخذ عبده في أول مرة «2».
[سورة النساء (4): آية 108]
يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا (108)
(يستخفون) أي يستترون حياء (من الناس) لأنهم جعلوا الدرع تحت التراب في حفرة أولا خوفا من ضررهم (ولا يستخفون) أي لا يستحيون (من الله وهو معهم) بالعلم والقدرة (إذ يبيتون) أي حين يدبرون في أنفسهم ويقولون ليلا (ما لا يرضى) الله (من القول) ولا يحبه وهو تدبير طعمة في نفسه أن يرمي بالدرع في دار زيد اليهودي ليسرقه «3» ويحلف ببراءته، وإنما سمي التدبير قولا وهو معنى النفس على المجاز، لأنه حدث بذلك نفسه «4»، فكأنه قال به أو المراد بالقول الحلف الكاذب الذي حلف به (وكان الله بما يعملون محيطا) [108] أي عالما بخيانتهم وتزويرهم.
[سورة النساء (4): آية 109]
ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا (109)
ثم خاطب قوم طعمة الذين خاصموا عن طعمة السارق بقوله (ها أنتم هؤلاء) بحذف حرف النداء من «هؤلاء»، ويجوز أن يكون «أنتم» مبتدأ، وخبره «هؤلاء»، وما بعده بيان له، أو «هؤلاء» باسم موصول بمعنى الذين، صلته (جادلتم) أي خاصمتم (عنهم في الحياة الدنيا) أي عن الخائنين في الدنيا (فمن يجادل الله) استفهام على سبيل الإنكار، أي من يخاصم (عنهم) أي عن الخائنين إذا عذبوا (يوم القيامة أم) أي بل (من يكون عليهم وكيلا) [109] أي حفيظا ومحاميا «5» من بأس الله، والوكيل من يفوض إليه الأمر، ثم استعير إلى الحفيظ لكون الحفظ لازما للوكيل.
[سورة النساء (4): آية 110]
ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما (110)
قوله (ومن يعمل سوءا ) أي سرقة أو معصية أو شركا (أو يظلم نفسه) باليمين الكاذبة وبرميه البريىء «6» من السرقة أو بذنب آخر (ثم يستغفر الله) أي يتب عن الذنب (يجد الله غفورا رحيما) [110] نزل في شأن طعمة وقومه «7»، روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: «ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر الله» «8»، وتلا هذه الآية.
[سورة النساء (4): آية 111]
ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما (111)
(ومن يكسب إثما) أي ذنبا أو شركا بالله (فإنما يكسبه على نفسه) أي يضر بنفسه لا يتعداها «9» ضرره إلى غيره، فليصن نفسه من كسب السوء (وكان الله عليما حكيما) [111] أي بمن كسب الإثم وبما حكم عليه من الجزاء.
Page 237