Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genres
قوله (وما كان لنبي أن يغل) بفتح الياء وضم الغين، أي يخون وبضم الياء وفتح الغين «1»، أي ينسب إلى الخيانة، نزل حين فقدت قطيفة حمراء يوم بدر، فقال المنافقين: لعل رسول الله أخذها «2»، وروي: «أنه عليه السلام بعث طلائع لحقيقة أمر العدو فغنمت غنائم فقسمها ولم يقسم للطلائع وسمي حرمان بعض الغزاة غلولا تغليظا وتقبيحا لصورة الأمر» «3»، وفيه نهي للنبي «4» على السلام عن الغلول على سبيل المبالغة، أي ما صح لنبي أن يخون فيعطي قوما ويمنع آخرين، بل عليه أن يقسم على السوية أو ما جاز أن يخون في الغنيمة فيأخذها لأجله ولا يقسم لهم (ومن يغلل) أي يخن في الغنيمة (يأت بما غل) أي بالشيء الذي غله بعينه يحمله على ظهره (يوم القيامة) قال عليه السلام: «ألا لأعرفن أحدكم يوم القيامة يأتي ببعير له رغاء وببقرة لها خوار وبشاة لها ثغاء، فيقول: يا محمد، فأقول له: لا أملك لك من الله شيئا فقد بلغتك» «5»، ويجوز أن يكون المعنى: يأت بوباله على عنقه كقوله «يحملون أوزارهم على ظهورهم» «6» (ثم توفى كل نفس) أي تجازى (ما كسبت) أي ما «7» عملت من خير وشر (وهم لا يظلمون) [161] أي لا ينقصون من ثواب أعمالهم ولا يزاد جزاؤهم فوق آثامهم، لأنه عادل بينهم في الجزاء، وإنما لم يقل «ثم يوفى» بالتذكير ليرجع الضمير فيه إلى «من»، لأنه جاء بعام دخل تحته كل كاسب من الغال وغيره، فاتصل به من حيث المعنى، وهو أبلغ وأثبت في الزجر عن الغلول.
[سورة آل عمران (3): آية 162]
أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (162)
ثم قال بهمزة الاستفهام لإنكار التسوية بين الأمين الصالح والخائن الفاسق (أفمن اتبع رضوان الله) وأخذ الحلال من الغنيمة (كمن باء) أي رجع واستوجب (بسخط من الله) بسبب الغلول من الغنائم، ثم بين مستقر كل منها فقال (ومأواه) أي مقام من غل من الغنيمة (جهنم وبئس المصير) [162] أي الموضع الذي صار إليه النار.
[سورة آل عمران (3): آية 163]
هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون (163)
(هم درجات) أي الذين اتبعوا رضا الله ولم يغلوا من الغنائم ذوو طبقات «8» (عند الله) في الفضل، فبعضهم يكون أرفع من بعض أو لهم درجات في الجنة (والله بصير) أي عالم (بما يعملون) [163] من الغلول وعدم الغلول، فيجازيهم على حسب أعمالهم بالدركات والدرجات.
[سورة آل عمران (3): آية 164]
لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (164)
(لقد من الله على المؤمنين) أي أنعم على من آمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه، وخصهم بالذكر، لأنهم هم المنتفعون بمبعثه (إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم) أي من جنسهم عربيا ليفهموا عنه كلامه، ففيه منة عليهم لأخذ ما يجب عليهم أخذه عنه بعد علمهم أحواله في الصدق والأمانة (يتلوا) أي يقرأ (عليهم آياته) بالبيان ليعلموا به الحلال والحرام (ويزكيهم) أي ويطهرهم من الشرك والذنوب بالأمر بشهادة «9» أن «لا إله إلا الله» (ويعلمهم الكتاب) أي القرآن (والحكمة) أي المواعظ للعلم والعمل (وإن كانوا من قبل) أي وإن الشأن
Page 189