297

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

بن عَفْرَاءَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُ الرَّبَّ مِنْ عَبْدِهِ؟ قَالَ: «غَمْسَة يَدِهِ فِي الْقَوْمِ حَاسِرًا» فَنَزَعَ دِرْعًا عَلَيْهِ فَقَذَفَهَا ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَقَاتَلَ الْقَوْم حَتَّى قُتِلَ.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ: لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ وَدَنَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: اللَّهُمَّ أَقْطَعَنَا لِلرَّحِمِ، وَآتَانَا بِمَا لا يُعْرَفُ، فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ، فَكَانَ هُوَ الْمَسْتَفْتِحُ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ: ثم إن رسول الله ﷺ أَخَذَ حَفْنَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ فَاسْتَقْبَلَ بِهَا قُرَيْشًا ثُمَّ قَالَ:
«شَاهَتِ الْوُجُوهُ» ثُمَّ نَفَخَهُمْ بِهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: «شُدُّوا» فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ،
فَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، وَأَسَرَ مَنْ أَسَرَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ. قَالَ ابْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ عَائِذٍ:
فَكَانَتْ تِلْكَ الْحَصَبْاءُ عَظِيمًا شَأْنُهَا، لَمْ تَتْرُكْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَجُلا إِلَّا مَلأَتْ عَيْنَيْهِ، وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ وَبَادَرَ النَّفَر كُلّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ، لا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، يُعَالِجُ التُّرَابَ يَنْزِعُهُ من عينيه.
رجع إلى خبر ابن إسحق: فَلَمَّا وَضَعَ الْقَوْمُ أَيْدِيهِمْ يَأْسِرُونَ وَرَسُول اللَّهِ ﷺ فِي الْعَرِيشِ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَائِمٌ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ الَّذِي فيه رسول الله ﷺ مُتَوَشِّحٌ السَّيْفَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ، يَحْرُسُونَ رَسُول اللَّهِ ﷺ، يَخَافُونَ عَلَيْهِ كَرَّةَ الْعَدُوِّ،
وَرَأَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فِيمَا ذُكِرَ لِي فِي وَجْهِ سَعْد بْنِ مُعَاذٍ الْكَرَاهِيَةَ لِمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: «فَكَأَنَّكَ يَا سَعْدُ تَكْرَهُ مَا يَصْنَعُ الْقَوْمُ؟» قَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَتْ أَوَّلَ وَقْعَةٍ أَوْقَعَهَا اللَّهُ بِأَهْلِ الشرك، فكان الأثخان في القتل [بأهل الشرك] [١] أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ اسْتِبْقَاءِ الرِّجَالِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لأَصْحَابِهِ يَوْمَئِذٍ: «إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرَهُمْ قَدْ أُخْرِجُوا كُرْهًا، لا حَاجَةَ لَهُمْ بِقِتَالِنَا، فَمَنْ لَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بْنَ هِشَامٍ [٢] فَلا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلا يَقْتُلْهُ فَإِنَّمَا خَرَجَ مُسْتَكْرَهًا.
وَذَكَرَ ابْنُ عُقْبَةَ فِيهِمْ عُقَيْلا وَنَوْفَلا قَالَ: فَقَالَ أَبُو حذيفة: أنقتل آباءنا وإخواننا

[(١)] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.
[(٢)] وعند ابن هشام: ابن الحارث بن أسد فلا يقتله فإني أخرج مستكرها.

1 / 300