281

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

الْعَبَّاسُ مِنْ عَاتِكَةَ أَذًى شَدِيدًا حِينَ أَفْشَى من حديثها. رجع إلى خبر ابن إسحق: قَالَ: ثُمَّ تَفَرَّقْنَا، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ لَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَّا أَتَتْنِي فَقَالَتْ: أَقْرَرْتُمْ لِهَذَا الْفَاسِقِ الْخَبِيثِ أَنْ يَقَعَ فِي رِجَالِكُمْ، ثُمَّ قَدْ تَنَاوَلَ النِّسَاءَ وَأَنْتَ تَسْمَعُ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عِنْدَكَ غَيْر لِشَيْءٍ مِمَّا سَمِعْتَ! قَالَ: فَقُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ فَعَلْتُ مَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِ مِنْ كَبِيرٍ، وَايْمُ اللَّهِ لاتَعَرَضَنَّ لَهُ، فَإِنْ عَادَ لأَكْفِيكَنَّهُ، قَالَ: فَغَدَوْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ وَأَنَا حَدِيدٌ مُغْضَبٌ، أَرَى أَنِّي قَدْ فَاتَنِي مِنْهُ أَمْرٌ أُحِبُّ أَنْ أُدْرِكَهُ مِنْهُ، قَالَ: فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَمْشِي نَحْوَهُ أَتَعَرَّضُهُ، لِيَعُودَ لِبَعْضِ مَا قَالَ فَأُوقِعُ بِهِ، وَكَانَ رَجُلا خَفِيفًا، حَدِيدَ الْوَجْهِ، حَدِيدَ اللِّسَانِ، حَدِيدَ النَّظَرِ، قَالَ: إِذْ خَرَجَ نَحْوَ بَابِ المسجد يشتد، قال: قلت في نفسي: ماله لَعَنَهُ اللَّهُ، أَكُلُّ هَذَا فَرْقٌ مِنِّي أَنْ أُشَاتِمَهُ، قَالَ: فَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ وَهُوَ يَصْرُخُ بِبَطْنِ الْوَادِي، وَاقِفًا عَلَى بَعِيرِهِ، قَدْ جَدَعَ بَعِيرَهُ، وَحَوَّلَ رَحْلَهُ، وَشَقَّ قَمِيصَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ: اللَّطِيمَةَ اللَّطِيمَةَ، أَمْوَالُكُمْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمَّدٌ فِي أَصْحَابِهِ، لا أَرَى أَنْ تُدْرِكُوهَا، الْغَوْثَ الْغَوْثَ، قَالَ: فَشَغَلَنِي عَنْهُ وَشَغَلَهُ عَنِّي مَا جَاءَ مِنَ الأَمْرِ، فَتَجَهَّزَ النَّاسُ سِرَاعًا وَقَالُوا: يَظُنُّ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَنْ تَكُونَ كَعِيرِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ كَلَّا وَاللَّهِ لَيَعْلَمُنَّ غَيْرَ ذَلِكَ، فَكَانُوا بَيْنَ رَجُلَيْنِ، إِمَّا خَارِجٌ وَإِمَّا بَاعِثٌ مَكَانَهُ رَجُلا، وَأَوْعَبَتْ قُرَيْشٌ فَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْ أَشْرَافِهَا أَحَدٌ، إِلَّا أَنَّ أَبَا لَهَبِ بْنَ عبد المطلب قد تخلف، وبعث مكانه العاصي بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ قَدْ لاطَ [١] لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ أفلس بها، فاستأجره بها على أن يجزئ عَنْهُ بَعْثَهُ، فَخَرَجَ عَنْهُ وَتَخَلَّفَ أَبُو لَهَبٍ [٢] . قَالَ ابْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ عَائِذٍ: خَرَجُوا فِي خمسين وتسعمائة مُقَاتِلٍ وَسَاقُوا مِائَةَ فَرَسٍ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عن شيبان، عن أبي إسحق، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَسَرَنَا الْقَوْمُ فِي بَدْرٍ قلنا: كم كنتم؟ [قالوا] [٣]: كنا ألفا [٤] .

[(١)] أي حبس وأمسك [(٢)] انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٦٠) [(٣)] وردت في الأصل: قال، وما أثبتناه من طبقات ابن سعد. [(٤)] انظر طبقات ابن سعد (٢/ ٢١) .

1 / 284