249

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

الأحزاب من قريش غطفان وبني قريظة: حي بْنُ أَخْطَبَ، وَسَلامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ أَبُو رَافِعٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ، وَأَبُو عَمَّارٍ، وَوَحْوَحُ بْنُ عَامِرٍ، وَهَوْذَةُ بْنُ قَيْسٍ، فَأَمَّا وَحْوَحٌ وَأَبُو عَمَّارٍ وَهَوْذَةُ فَمِنْ بَنِي وَائِلَةَ، وَسَائِرُهُمْ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى قُرَيْشٍ قَالُوا: هَؤُلاءِ أَحْبَارُ يَهُودَ وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ الأَوَّلِ، فَاسْأَلُوهُمْ أَدِينُكُمْ خَيْرٌ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ، فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا: بَلْ دِينُكُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ، وَأَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُ وَمَنِ اتَّبَعَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا إلى قوله مُلْكًا عَظِيمًا [١] . قال ابن إسحق: وقدم على رسول الله ﷺ وَفْدُ نَصَارَى نَجْرَانَ سِتُّونَ رَاكِبًا، فِيهِمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فِي الأَرْبَعَةَ عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أَمْرُهُمْ: الْعَاقِبُ أَمِيرُ الْقَوْمِ وَذُو رَأْيِهِمْ وَاسْمُهُ: عبد المسيح، والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم وَاسْمُهُ: الأَيْهَمُ، وَأَبُو حَارِثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ أَخُو بكر بن وائل أسقفهم وَحَبْرُهُمْ وَإِمَامُهُمْ، فَكَانَ أَبُو حَارِثَةَ قَدْ شَرُفَ فِيهِمْ، وَدَرَسَ كُتُبَهُمْ حَتَّى حَسُنَ عِلْمُهُ فِي دِينِهِمْ، فَكَانَتْ مُلُوكُ الرُّومِ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ قَدْ شَرَّفُوهُ وَمَوَّلُوهُ وَأَخْدَمُوهُ وَبَنَوْا لَهُ الْكَنَائِسَ، فَبَسَطُوا عَلَيْهِ الْكَرَامَاتِ لِمَا يَبْلُغُهُمْ عَنْهُ مِنْ عِلْمِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي دِينِهِمْ، فَلَمَّا وُجِّهُوا إِلَى رسول الله ﷺ من نَجْرَانَ، جَلَسَ أَبُو حَارِثَةَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ مُوَجِّهًا إِلَى جَنْبِهِ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: كوزُ بْنُ عَلْقَمَةَ، فَعَثَرَتْ بَغْلَةُ أَبِي حَارِثَةَ، فَقَالَ كوز: تَعِسَ الأَبْعَدُ، يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَارِثَةَ: بَلْ أَنْتَ تَعِسْتَ، قَالَ: وَلِمَ يَا أَخِي؟ قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ، إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ، فَقَالَ لَهُ كوزٌ: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ هَذَا؟ قَالَ: مَا صَنَعَ بِنَا هَؤُلاءِ الْقَوْمُ، شَرَّفُونَا وَمَوَّلُونَا وَأَكْرَمُونَا، وَقَدْ أَبَوْا إِلَّا خِلافَهُ، فَلَوْ فَعَلْتَ نَزَعُوا مِنَّا كُلَّ مَا تَرَى، فَأَضْمَرَ عَلَيْهَا مِنْهُ أَخُوهُ كوزُ بْنُ عَلْقَمَةَ، حَتَّى أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني، وَدَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مَسْجِدَهُ حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الْحِبَرَاتِ [٢]، جبب وأردية في جمال رجال بني الحرث بن كعب، فقال: يقول

[(١)] سورة النساء: الآيات ٥١- ٥٤. [(٢)] الحبرة: ثوب من قطن أو كتان مخطط كان يصنع باليمن.

1 / 252