162

وإن الأميرال هفت المبعوث من طرف إنجلترا لخديعة الملك يوحنا ملك الحبشة لم يحظ عند الملك بقبول.

أراد رجال الإنجليز أن يخففوا على القلوب المنخلعة من أبناء أمتهم أهوال السودان وما يتوقعونه من مصائبه، فأشاعوا ظهور شخص يدعي المهدوية في دارفور، ويقول: إن محمد أحمد ليس إلا تلميذا له من قدماء تلامذته، وكان الإنجليز يستبشرون بتفريق كلمة السودانيين كما يسرهم تخالف المسلمين أجمعين.

الفصل الخامس والستون

فرية دنيئة على الإسلام

في برقية وردت لجريدة الديلي تلغراف من القاهرة في 27 مايو 1884 أن زبير باشا طلب إلى سراي توفيق باشا، بناء على إشارة الحكومة الإنجليزية، والتمس منه المستر أجرتون أن يجد وسلية لإرسال مندوب إلى جوردون باشا يأمره بالعودة حالا، واتباعا لأمر توفيق باشا بعث الزبير بأحد خدمه لأداء هذا العمل وكان فرصة انتهزتها حكومة فرنسا لاستدعاء قنصلها في الخرطوم، وقد ضمن الزبير وصول المندوب وعودته بالجواب في خمسين يوما. ا.ه.

إن صح هذا دلنا على أن جوردون ليس معززا برجال أولي بأس وشدة كما جاء في البرقيات، وأن الإنجليز عجزوا عن إنقاذه بقوة حربية، وإن كانوا ربما يقصدون الحرب لغاية أخرى.

ونقلت الجرائد الأوروبية ما يعجب من نسبته لزبير باشا، ذلك أنه أشخص ثلاثة من أولاده إلى رؤساء الثائرين ومع كل واحد منهم كتاب إليهم وهذا مفاده نذكره ترجمة من تلك الجرائد بلا تصرف في عباراته:

شكرا للخديو ولدولة بريطانيا العظمى وللجنرال جوردون. كل أملاكنا التي انتزعت منا سترد إلينا، يا أحبابي ويا أهل وطني إني أبعث إليكم أولادي الثلاثة مصحوبين برقيم إلى الجنرال جوردون، فدعوهم يصلون إليه وسهلوا سبلهم، وأقسم عليكم باسم النبي وأسماء أجدادي الذي أكرموا الأسراء أن ترافقوا جوردون إلى كورسكو وأن تعاونوه حتى يعلو متن النيل. كل معاملة تسيء الجنرال فهي تكسر خاطري إلى الأبد، وأنا وعيالي هنا رهن إلى أن يعود الجنرال جوردون، فإن عاد صحيحا سالما فمحمد يحفظكم أبد الآبدين. ا.ه!

وأنا أتبرأ ما في هذا الرقيم

1

Unknown page