Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Genres
ومذ شرف كل في مكانه وأخذ افتتاح الامتحان في إبانه، وكان المترأس عليه من أجزل المولى نعمه لديه سعادة الأستاذ رفاعة بك رافع الشائع سني صيته الذائع، تقدم التلميذ الابتدائي تاليا خطبة استفتاحية من قلم مصطفى أفندي رضوان خوجا أول فرنساوي ذي الفصاحة الألمعية، وكان التلميذ يوسف وهبه أفندي النجيب الذي أجاب فيما سئل بإيضاح اللفظ والمعنى المصيب، وتلاه التلميذ يسي أفندي عبد الشهيد الغصن البارع المجيد.
وبعد أن استتم فحصهما في العلوم النحوية والحسابية والجغرافية واللغات الفرنساوية والإنكليزية والقبطية، وشرحا الصدور بما أحسنا من الإجابات بادرت الداعي، وتليت خطبة تشكرية ... وفي الجلسة الثانية من الامتحان بوشر فحص أوائل الغلمان مبتدئا بالتلميذ البارع قليني يوسف عبد الشهيد وحنين عبد الملك الغصن المجيد، وتلاه أحمد مصطفى والتلميذ إسكندر قزمان غصن النجابة الفريد. وفي تلك الجلسة تليت خطبة من قلم برسوم أفندي إبراهيم نجل المدرسة ومعلم نحو وفرنساوي الآن بالصغرى والكبرى القبطي القويم حتى ختم ذلك اليوم بما شرح صدور القوم، وتلاه اليوم الثاني مبتدئا فيه بخطبة من قلم تادرس أفندي إبراهيم غصن المدرسة الزاهر المشهور في الترجمة الفرنساوية والإنكليزية البارع الماهر، وهكذا اليوم الذي بعده والامتحان جار على همته وجده إلى أن فحص جميع التلاميذ.
12
ويؤخذ من هذا الوصف عدة ملاحظات، منها؛ أولا: أن مدرسة الأقباط كانت مدرسة معترفا بها من قبل وزارة المعارف، وتدخل ضمن نطاقها، حتى ولو كانت معانة من قبل طائفة الأقباط، بدليل إشراف رفاعة رافع الطهطاوي على امتحانها. ثانيا: كان الاهتمام بها من قبل الخديوي والحكومة لا يقل عن الاهتمام بأية مدرسة أخرى، بدليل هذا الكم الهائل من المسئولين ممن حضروا هذا الامتحان من الوزراء ووجهاء الحكومة. ثالثا: حضور شيخ الأزهر، مما يعكس مدى التسامح الديني الذي كان منتشرا في هذا الوقت. رابعا: التعرف على المواد العلمية التي كانت تدرس في هذه المدرسة، وهي النحو والحساب والجغرافيا واللغات الفرنسية والإنجليزية والقبطية. خامسا: وجود مسلمين ضمن تلاميذ وأساتذة هذه المدرسة، مثل: الطالب أحمد مصطفى، والأستاذ مصطفى رضوان. سادسا: وجود مدرستين قبطيتين في هذا الوقت؛ كبرى وصغرى، فالكبرى هي مدرسة الأقباط بالأزبكية، وأما الصغرى فهي مدرسة الأقباط بحارة السقائين، كما سنرى.
ومن الجدير بالذكر، أن هناك مدرسة قبطية ثالثة تم افتتاحها عام 1867، وهي مدرسة المحاسبة القبطية. وهي مدرسة خاصة داخلية كان ناظرها المسيو ليونار الذي كان ناظرا أيضا على مدرسة السواري بالعباسية. وهذه المدرسة، كانت تنفق عليها وزارة المالية، ولم تكن معانة من قبل الأقباط. وهذه المدارس جميعا كانت خاصة بالبنين. أما بالنسبة لمدارس البنات، فمن المعروف أن أول مدرسة بنات للمسلمين كانت مدرسة السيوفية، التي عرفت فيما بعد بالسنية. وقد افتتحت عام 1873، وكان بها 334 طالبة، وهي مدرسة ابتدائية لتعليم الأشغال اليدوية، وكانت برعاية حرم الخديوي وعلى نفقتها الخاصة. أما ناظرتها فكانت السيدة روزة، ومديرها كان حسن صالح. ومن الملاحظ أن طائفة الأقباط كانت السباقة إلى افتتاح مدرسة للبنات قبل ذلك، حيث افتتحت أول مدرسة قبطية للبنات بصفة عامة في أسيوط عام 1868، وكانت مصاريفها على الأوقاف القبطية .
13
وأمام هذا الانتشار للمدارس القبطية في مصر، استطاع كيرلس الرابع أن يستأذن سعيد باشا بالتحاق خريجي المدارس القبطية بالمدارس الأميرية العليا كمدرسة الطب وغيرها، فكان له ذلك. وفي عام 1867 تبرع الخديوي إسماعيل باشا بمائة وخمسين فدانا من جفلك الوادي
14
كوقف للمدارس القبطية، بالإضافة إلى مائتين من الجنيهات سنويا. فخرج من هذه المدارس مجموعة كبيرة من المتعلمين، الذي عملوا في مصلحة السكك الحديدية والبنوك، سواء أكانوا من الأقباط أو من المسلمين، الذين وصلوا إلى أعلى المناصب السياسية، أمثال: بطرس غالي، وقليني فهمي، وكامل عوض سعد الله، وعبد الخالق ثروت، وحسين رشدي، ومحمود عبد الرازق.
15
Unknown page