ذخائر التراث العربي
عنوان الدراية
فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية
تأليف
أبو العباس الغبريني
أحمد بن أحمد عبد الله
(٦٤٤هـ - ٧١٤هـ)
حققه وعلق عليه
عادل نويهض
ليسانس ودبلوم صحافة
رئيس مصلحة الصحافة والنشر (سابقا) في الجزائر
منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت
Unknown page
الطبعة الثانية
نيسان - (أبريل) ١٩٧٩
1 / 3
كلمتنا
كتاب "عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية" للعلامة المؤرخ المحقق الشيخ أبي العباس الغبريني، من أهم المصادر التاريخية في المكتبة العربية عن الحياة العلمية في القرن السابع الهجري في بجاية، بالمغرب الأوسط، وسجل حافل بتراجم عشرات العلماء والمؤرخين والأدباء والشعراء وغيرهم ممن عرفتهم المدينة من مشاهير أعلام الجزائر وتونس والمغرب والأندلس.
وقد نشر هذا الكتاب لأول مرة في مدينة الجزائر سنة ١٩١٠ بعناية الأستاذ محمد بن أبي شنب.
و"دار الآفاق الجديدة" التي قدمت للعالمين، العربي والإسلامي، أنفس ما في تراثنا من مؤلفات، يسرها اليوم، أن تقدم هذا الكتاب في طبعة جديدة، أشرف على تحقيقها والتعليق على أصولها تعليقات وافية، الأستاذ عادل نويهض، فجاءت ضعف الكتاب الأصلي.
وفقنا الله، وأخذ بيدنا لما فيه خير العرب والمسلمين.
الناشر
1 / 5
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
بجاية مدينة مشهورة بالمغرب الأوسط، تقع شرقي الجزائر على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، اختطها سنة ٤٦٠ هـ الناصر بن علناس أشهر ملوك الدولة الحمادية وأعظمهم شأنا، ثم اتخذها عاصمة ملكه وسماها الناصرية باسمه.
بلغت بجاية- في عهد الحماديية- درجة كبيرة من التقدم والعمران، واحتلت مكانة مرموقة بين حواضر العلم في المغرب والمشرق، فأمها الكثير من علماء مصر والشام والأندلس، فانتعشت الثقافة العربية وازدهرت الحركة العلمية، حين قيل إن عدد المفتين فيها بلغ تسعين مفتيا في زمن واحد.
وبنهاية دولة بني حماد (٥٤٧هـ) على أيدي الموحدين، ودخول المغرب الأوسط تحت نظام الحكم الجديد، أخذت بجاية تفتح صفحة جديدة من صفحات تاريخها الثقافي والسياسي والعمراني والعلمي. ففي هذا العصر، أصبحت معقلا من أهم معاقل الحركة العقلية التي عرفها الشمال الافريقي، ينتقل إليه عشاق الأدب وطلاب العلم والمعرفة من مختلف المدن والقرى ... وقبلة تهوى إليها أفئدة المسلمين من بلاد الأندلس غربا إلى أصفهان في بلاد العجم شرقا، فاستهوت ألباب عدد غير قليل من مشاهير العلماء ومدرسي العلوم وأهل الفتوى والقضاء الأندلسيين والتونسيين والليبيين، كعبد الحق الاشبيلي وابن سيد الناس اليعمري وأحمد بن خالد المالقي وغيرهم، فزاروها وأقاموا بها واتخذوها وطنا. كما نبغ في هذا العصر عدد من العلماء والشعراء والكتاب الجزائريين الذين نشأوا في المدينة أو أخذوا عن شيوخها.
1 / 7
دام حكم الموحدين للمغرب الأوسط ما يقرب من قرن (٥٣٩ - ٦٣٣هـ)، ثم تلاهم الحفصيون، وكانت مدينة بجاية هي عاصمة الجزائر الحفصية في هذا العهد.
وكتاب "عوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية" الذي صنفه فقيهها وقاضيها ومؤرخها أبو العباس الغبريني، وترجم فيه لأكثر من مائة وأربعين من رجال القرن السابع الهجري- وأكثرهم عاصر العهدين، الموحدي والحفصي- يعد أحفل سجل عن هذه الحقبة الذهبية التي عرفتها المدينة الإسلامية العربية، ففيه يتبين للقارىء ما كان لهذه المدينة من الصلات الوثيقة مع مراكز الحركات الثقافية في العالم الإسلامي، ومدى أثرها في الانتاج الأدبي من نثر وشعر وتاريخ ... وفي العلوم الدينية من فقه وأصول وتصوف. الخ.
ولما كانت المكتبة العربية- وما تزال- في حاجة إلى بعث مثل هذا التراث النفيس الذي يبين عن أمجادنا في مختلف المجالات العلمية، وقع اختياري عليه ليكون أول كتاب أقوم بنشره من سلسلة كتب التراث الجزائري التي عقدت العزم على تحقيقها وطبعها.
واليوم إذ أقدم هذا الكتاب للقارئين العرب في أبهى حلة، بعد أن حققت أصوله وعلقت عليها حيث وجب التعليق، وترجمت لأعلامه المذكورين في متنه، أرجو أن يرضي رغبات المثقفين من أبناء هذه الأمة، ويقع موقع الرضى والقبول من الباحثين والدارسين والمؤرخين. كما أرجو أن أكون بعملي المتواضع هذا، قد أسديت للمكتبة الجزائرية بخاصة، والمكتبة العربية بعامة، يدا تذكر بالخير كلما ذكر العاملون في سبيل إحياء تراثنا. وقد بدأت عملي بتقديم المؤلف والكتاب إلى القراء ليكونوا على بينة من الرجل وكتابه قبل أن يقرأوه من بابه إلى محرابه.
1 / 8