333

ʿUmdat al-Kitāb

عمدة الكتاب

Editor

بسام عبد الوهاب الجابي

Publisher

دار ابن حزم

Edition

الأولى ١٤٢٥ هـ

Publication Year

٢٠٠٤ م

Publisher Location

الجفان والجابي للطباعة والنشر

الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب عليه البقاء، ولا بقاء لما كتب عليه الفناء، فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة، قصروا طول الأمل بقصر الأجل.
١١٧٢- ومما يستحسن خطبة المأمون، وهي في يوم جمعةٍ: الحمد لله مستخلص الحمد لنفسه، ومستوجبه على خلقه، أحمده وأستعينه وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أوصيكم عباد الله بتقوى الله، والعمل بطاعته، والتنجز لوعده، والخوف لوعيده، فإنه لا يسلم إلا من أبقاه ورجاه، وعمل له وأرضاه، فاتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم، وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم، وترحلوا فقد جد بكم، واستعدوا للموت فقد أظلكم، وكونوا قومًا صيح بهم فانتبهوا، وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدارٍ، فاستبدلوا؛ فإن الله ﷿ لم يخلقكم عبثًا، ولا يترككم سدىً، وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به، وإن غايةً تنقصها اللحظة، وتهدمها الساعة، لحريةٌ بقصر المدة، وإن غائبًا يحدوه الجديدان: الليل والنهار لحريٌ بسرعة الأوبة، وإن قادمًا يحل بالفوز أو الشقوة لمستحقٌ لأفضل العدة، فاتقى عبدٌ ربه، ونصح لنفسه، وقدم توبته، وغلب شهوته، فإن أجله مستورٌ عنه، وأمله خادعٌ له، والشيطان موكلٌ به يزين له

1 / 359