167

Cumdat Huffaz

عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ

Investigator

محمد باسل عيون السود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

﴿والظاهر والباطن﴾ [الحديد: ٣] قيل: يعلم بواطن الأمور كما يعلم ظواهرها، يعلم من السر ما يعلم من العلانية. ومنه:﴾ سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ﴿[الرعد: ١٠].
يقال: فلان يبطن أمر فلان إذا علم سريرته، كما قال تعالى:﴾ وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ﴿[الزخرف: ٨٤] والحكماء: "مثل طالب معرفته مثل من طرق الآفاق في طلب ما هو معه". والباطن: إشارة إلى معرفته الحقيقية، وهي التي أشار إليها الصديق بقوله: "يا من غاية معرفته القصور عن معرفته".
وقيل: ظاهر بآياته باطن بذاته. وقيل: ظاهر بأنه محيط بالأشياء مدرك لها، باطن في أن يحاط به، كما قال تعالى:﴾ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ﴿[الأنعام: ١٠٣]. وقد روي عن أمير المؤمنين علي ﵁ ما يدل على تفسير اللفظتين حيث قال: "تجلى لعباده من غير أن يروه، وأراهم نفسه من غير أن يتجلى لهم"، وهذا كلام عظيم القدر لا يصدر إلا عن مثل أبي بكرٍ وعلي ﵄. ولذلك قال بعض العلماء حين حكي عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه: وهذا كلام يحتاج إلى فهمٍ ثاقبٍ وعقلٍ وافرٍ ولعمري لقد صدق. وقيل: الظاهر بالأدلة والباطن الذي لا يدرك بالحواس.
وقوله:﴾ وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ﴿[لقمان: ٢٠] أراد بالظاهرة النبوة والباطنة العقل، وقيل: أراد بالظاهرة النصرة على الأعداء بالبأس من سلاحٍ ورجالٍ، والباطنة النصرة بالملائكة. وقيل: أراد بالظاهرة المحسوسات وبالباطنة المعقولات، والآية شاملة لذلك ولغيره، كما قال تعالى: ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾ [إبراهيم: ٣٤]،

1 / 203