217

ومر بي ركب -ذات يوم- فسألتهم عن بلادهم، فعلمت أنهم من جزيرة العرب، فقلت لهم: "أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم إلى أرضكم؟ " .. قالوا: "نعم ... ".

واصطحبوني معهم حتى قدموا بي -وادي القرى- وهناك ظلموني، وباعوني إلى رجل من يهود .. وبصرت بنخل كثير، فطمعت أن تكون هي البلدة التي وصفت لي، والتي ستكون مهاجر النبي المنتظر ... ولكنها لم تكنها وأقمت عند الرجل الذي اشتراني، حتى قدم عليه يوما رجل من يهود بني قريظة، فابتاعني منه ، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة!! فوالله ما هو إلا أن رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وصفت لي .. وأقمت معه أعمل له في نخله في بنى قريظة، حتى بعث الله رسوله، وحتى قدم "المدينة" ونزل بقباء في بنى عمرو بن عوف.

وإني لفي رأس نخلة يوما، وصاحبي جالس تحتها إذ أقبل رجل من يهود، من بني عمه، فقال يخاطبه: "قاتل الله بني قيلة إنهم ليتقاصفون (¬1) على رجل بقباء، قادم من مكة يزعمون أنه نبى .. ".

فو الله ما هو إلا أن قالها حتى أخذتني العرواء (¬2)، فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي!! ثم نزلت سريعا، أقول: "ماذا تقول ... ؟ ما الخبر ... ؟ ".

فرفع سيدى يده ولكزني لكزة شديدة، ثم قال: "مالك ولهذا .. ؟ أقبل على عملك" ..

Page 220