Culama Muslimin
علماء المسلمين والوهابيون
في مذهبه لمن أنكر عليه فأذعن له وخجل من مبادرته إلى الانكار عليه وهذا من جملة مقاصدي بتأليف هذا الكتاب والأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فاعملوا أيها الإخوان على الوصول إلى ذوق هذه الميزان وإياكم والمبادرة إلى إنكارها قبل أن تطالعوا جميع هذه الفصول التي سنقدمها بين يدي الكلام عليها أي قبل كتاب الطهارة بل ولو أنكرها أحدكم بعد مطالعة فصولها فربما كان معذورا لغرابتها وقلة وجود ذائق لها من أقرانكم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى إذا علمت ذلك وأردت أن تعلم ما أومأنا إليه من دخول جميع أقوال الأئمة المجتهدين ومقلديهم إلى يوم الدين في شعاع نور الشريعة المطهرة بحيث لا ترى قولا واحدا منها خارجا عن الشريعة المطهرة فتأمل وتدبر فيما أرشدك يا أخي إليه وذلك أن تعلم وتتحقق يقينا جازما أن الشريعة المطهرة جاءت من حيث شهود الأمر والنهي في كل مسألة ذات خلاف على مرتبتين تخفيف وتشديد لا على مرتبة واحدة كما يظنه بعض المقلدين ولذلك وقع بينهم الخلاف بشهود التناقض ولا خلاف ولا تناقض في نفس الأمر كما سيأتي إيضاحه في الفصول الآتية إن شاء الله تعالى فإن مجموع الشريعة يرجع إلى أمر ونهي وكل منهما ينقسم عند العلماء على مرتبتين تخفيف وتشديد وأما الحكم الخامس الذي هو المباح فهو مستوى الطرفين وقد يرجع بالنية الصالحة إلى قسم المندوب وبالنية الفاسدة إلى قسم المكروه هذا مجموع أحكام الشريعة وإيضاح ذلك أن من الأئمة من حمل مطلق الأمر على الوجوب الجازم ومنهم من حمله على الندب ومنهم من حمل مطلق النهي على التحريم ومنهم من حمله على الكراهة ثم إن لكل من المرتبين رجالا في حال مباشرتهم للتكاليف فمن قوي منهم من حيث إيمانه وجسمه خوطب بالعزيمة والتشديد الوارد في الشريعة صريحا أو المستنبط منها في مذهب ذلك المكلف أو غيره ومن ضعف منهم من حيث مرتبة إيمانه أو ضعف جسمه خوطب بالرخصة والتخفيف الوارد كذلك في الشريعة صريحا أو المستنبط منها في مذهب ذلك المكلف أو مذهب غيره كما أشار إليه قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم خطابا عاما وقوله صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم أي كذلك فلا يؤمر القوي المذكور بالنزول إلى مرتبة الرخصة والتخفيف وهو يقدر على العمل بالعزيمة والتشديد لأن ذلك كالتلاعب بالدين كما سيأتي إيضاحه في الفصول الآتية إن شاء الله تعالى وكذلك لا يكلف الضعيف المذكور بالصعود إلى مرتبة العزيمة والتشديد والعمل بذلك مع عجزه عنه لكن لو تكلف وفعل ذلك لا نمنعه إلا بوجه شرعي فالمرتبتان المذكورتان على الترتيب الوجوبي لا على التخيير كما قد يتوهمه بعضهم فإياك والغلط فليس لمن قدر على استعمال الماء حسا أو شرعا أن يتيمم بالتراب وليس لمن قدر على القيام في الفريضة أن يصلي جالسا وليس لمن قدر على الصلاة جالسا أن يصلي على الجنب وهكذا في سائر الواجبات وكذلك القول في الأفضل من السنن مع المفضول فليس من الأدب أن يفعل المفضول مع قدرته على فعل الأفضل فعلم أن المسنونات ترجع إلى مرتبتين كذلك فيقدم الأفضل على المفضول ندبا مع القدرة ويقدم الأولى شرعا على خلاف الأولى وإن
Page 5