Culama Muslimin
علماء المسلمين والوهابيون
الكتاب والسنة وقواعد الأئمة فالجواب من أدلة هذه الميزان طلب الشارع منا الوفاق وعدم الخلاف في قوله تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه أي بالآراء التي لا يشهد لموافقتها كتاب ولا سنة وأما ما شهد له الكتاب والسنة فهو من جمع الدين لا من تفرقته ومن الدليل على ذلك أيضا قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وقوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقوله تعالى إن الله بالناس لرؤف رحيم وأما الأحاديث في ذلك فكثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لمن بايعه على السمع والطاعة في المنشط والمكره فيما استطعتم ومنها قوله صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ومنها قوله صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ومنها قوله صلى الله عليه وسلم اختلاف أمتي رحمة أي توسعة عليهم وعلى أتباعهم في وقائع الأحوال المتعلقة بفروع الشريعة وليس المراد اختلافهم في الأصول كالتوحيد وتوابعه وقال بعضهم المراد به اختلافهم في أمر معاشهم وسيأتي أن السلف كانوا يكرهون لفظ الاختلاف ويقولون إنما ذلك توسعة خوفا أن يفهم أحد من العوام من الاختلاف خلاف المراد وقد كان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول لا تقولوا اختلف العلماء في كذا وقولوا قد وسع العلماء على الأمة بكذا ومن الدليل على صحة مرتبتي الميزان أيضا من قول الأئمة قول إمامنا الشافعي وغيره رضي الله عنهم أن إعمال الحديثين أو القولين بحملهما على حالين أولى من إلغاء أحدهما فعلم أن من طعن في صحة هذه الميزان لا يخلو إما أن يطعن فيما شددت فيه أو خففت فيه لكون إمامه قال بضده فقل له إن كلا من هذين الأمرين جاءت به الشريعة وإمامك لا يجهل مثل ذلك فإذا أخذ إمامك بتخفيف أو تشديد فهو مسلم لمن أخذ بالمرتبة الأخرى ضرورة فيجب على كل مقلد اعتقاد أن إمامه لو عرض عليه حال من عجز عن فعل العزيمة التي قال هو بها لأفتاه بالرخصة التي قال بها غيره اجتهادا منه لهذا العاجز لا تقليد لذلك الإمام الذي قال بها أو كان يقر ذلك المجتهد على الفتوى بها وكل من أمعن النظر في كلام الأئمة المجتهدين رضي الله عنهم وجد كل مجتهد يخفف تارة ويشدد أخرى بحسب ما ظفر به من أدلة الشريعة فإن كل مجتهد تابع لما وجد من كلام الشارع لا يخرج في استنباطه عنه أبدا وغاية كلام المجتهد أنه أوضح كلام الشارع للعامة بلسان يفهمونه لما عندهم من الحجاب الذي هو كناية هنا عن عدم التوفيق لما يحتاج إليه من طرق الفهم الذي يفتقر معه إلى توفيق كلام أحد من الخلق سوى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت عنه ولو أن حجابهم رفع لفهموا كلام الشارع كما فهمه المجتهدون ولم يحتاجوا إلى من يشرحه لهم وقد قدمنا آنفا أن أحدا من المجتهدين لم يشدد في أمر أو يخفف فيه إلا تبعا للشارع فما رأى الشارع شدد فيه شدد وما رآه خفف فيه خفف قياما بواجب شعائر الدين سواء أوقع التشديد في فعل الأمر أم اجتناب النهي وجميع المجتهدين على ذلك كما يعرفه من سير مذاهبهم وإيضاح ذلك أن كلما
Page 28