الصبر عنها، ولهذا تجد الرجل [يقوم الليل ويصوم النهار و] (^١) يتورع من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة (^٢)، ويطلق لسانه في الغيبة، والنميمة، والتفكُّه بأعراض الخلق (^٣)، والقول على اللَّه ما لا يعلم!
وكثيرًا ممن تجده يتورع عن الدانق (^٤) من الحرام، والقطرة من الخمر، ومثل رأس الإبرة من النجاسة، ولا يبالي بارتكاب الفرج الحرام، كما يحكى أن رجلًا خلا بأجنبية فلما أراد مواقعتها قال: يا هذه غطي وجهك، فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام!!
وقد سأل عبدَ اللَّه بن عمر رجلٌ من أهل الكوفة عن دم البعوض، [فقال: "انظروا إلى هؤلاء يسألوني عن دم البعوض] (^٥) وقد قتلوا ابن بنت رسول اللَّه ﷺ" (^٦).
واتفق لي قريب من هذه: جاءني في حال الإحرام، قوم من الأعراب المعروفين بقتل النفوس والإغارة على الأموال يسألون عن قتل المُحرِم القمل، فقلت: يا عجبًا لا يتورعون عن قتل النفس التي حرم
(^١) ما بين الحاصرتين من النسخ الأخرى.
(^٢) في (م) و(ن) بعد هذه الكلمة العبارة التالية: "أو يرى نظرة بغير اختياره ذنبًا".
(^٣) في النسخ الأخرى بعد هذه الكلمة العبارة التالية: "وربما خصّ أهل الصلاح والعلم باللَّه والدين".
وانفردت نسخة (م) بزيادة هذه الجملة أيضًا: "ويتفكه في أعراضهم".
(^٤) الدانق هو: سدس الدينار والدرهم، ويطلق على الشيء التافه والحقير. انظر: "لسان العرب" (١٠/ ١٠٥).
وفي النسخ الأخرى: "الدقائق"، وهو تحريف.
(^٥) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، وأثبته من النسخ الأخرى.
(^٦) رواه البخاري في "صحيحه" رقم (٥٩٩٤).