شهدَ حذيفةُ وأبوه مع رسول الله ﷺ أُحدًا، وقُتِلَ أَبُوه يومئذٍ، قَتَلَه المسلمون خطأً، وكانا أرادَا أَنْ يشهدَا بدرًا، فاستحلَفهما المشركون ألَّا يَشْهَدا مع رسول الله ﷺ، فحلفا لهم، ثمَّ سَألا النبيَّ ﷺ، فقال: "نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ" (١)، وكان حذيفةُ مِمَّنْ هَاجَرَ إلى النبيِّ ﷺ، وكان له أخٌ اسمُه: صفوان، شَهِدَ معهما أحدًا.
وكانَ حُذيفَةُ من كبارِ أصحابِ رسولِ الله ﷺ، وهو الَّذي بَعَثَه رسولُ الله ﷺ ينظرُ إلى قريشٍ يومَ الخندق؛ فجاءَ بخبرِ رَحيلِهم.
وكان عُمَرُ بنُ الخطابِ ﵁ يسألُه عن المنافقين، وهو المعروفُ في الصحابة بصاحبِ سرِّ رسولِ الله ﷺ، وكان عُمَرُ ينظرُ إليه عندَ موتِ مَنْ ماتَ منهم؛ فإنْ لم يشهدْ جنازتَه، لم يشهدْهَا عُمَرُ.
وكان يقولُ حذيفةُ: خيَّرني رسولُ الله ﷺ بين الهجرة، والنصرة، فاخترت النصرة (٢)، وقال حذيفةُ ﵁: كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير، وكنت أسأله عن الشرِّ؛ مخافة أَنْ يدركني (٣).
وقال عليٌّ ﵁: كان حذيفةُ أعلمَ أصحابِ محمدٍ ﷺ بالمنافقين (٤)، وروى عنه: أنه سأله عمر عن الأمارات التي بين يدي الساعة من يعقلُها عن رسول الله ﷺ؟ فقال: أنا، فقال له عمر: هات، فلعمري إنَّك عليها لحريٌّ، ثم ذكر له منها (٥).
(١) رواه مسلم (١٧٨٧)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الوفاء بالعهد.
(٢) رواه البزار في "مسنده" (٢٩٣٦) إلا أنه قال: (فاخترت الهجرة)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٣٠١١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٢/ ٢٦٤).
(٣) رواه البخاري (٣٤١١)، كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم (١٨٤٧)، كتاب: الإمارة، باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال.
(٤) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٢/ ٣٤٦)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٦٠٤١)، والحاكم في "المستدرك" (٥٦٣١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢١/ ٤٢٠).
(٥) رواه البخاري (٥٠٢)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة، ومسلم (١٤٤)، كتاب: =