139

Al-ʿidda fī sharḥ al-ʿumda fī aḥādīth al-aḥkām li-Ibn al-ʿAṭṭār

العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار

Publisher

دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

وقال الخطابي، وغيره: وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابسِ، قال: والعوام في كثير من البلاد يجعل الخوص في قبور موتاهم، كأنهم ذهبوا إلى هذا، وليس لفعلهم وجهٌ، هذا آخر كلامه (١).
وقد ذكر البخاريُّ في "صحيحه": أنّ بُريدة بنَ الحصيبِ الصَّحابي ﵁ أوصى: أن يجعل في قبره جريد (٢)؛ فلعلَّه تبرك بفعل يُفْعَل مثل فعل النبي ﷺ.
وقيل: لعله ﷺ أوحي إليه بذلك، وقيل: بل إنه ﷺ كان يدعو لهما مدة رطوبتهما.
واعلم أن العلماء اختلفوا في تسبيح اليابس:
فقال كثيرون، أو الأكثرون من المفسرين: لا يسبح، في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤]، قالوا معناه: وإن من شيء حي، ثمَّ قالوا: فحياة كل شيء بحسبه؛ فحياة الخشب ما لم ييبس، والحجر ما لم يقطع.
وذهب المحققون من المفسرين إلى أنه: على عمومه، ثمَّ اختلف هؤلاء؛ هل يسبح حقيقة، أم تسبيحه أن فيه دلالةً على الصَّانع؛ فيكون مسبحًا منزِّهًا، بصورة حاله.
والمحققون: على أنه يسبح حقيقة، وقد أخبر الله ﷾: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٧٤] فإذا كان العقل لا يحيل جعلَ التمييز فيها، وجاء النص به؛ وجبَ المصيرُ إليه.
واستحب العلماء من هذا الحديث: تلاوة القرآن عند القبر، قالوا: لأنه اذا

(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٢٧).
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" (١/ ٤٥٧) معلقًا، ووصله ابن حجر في "تغليق التعليق" (٢/ ٤٩٢). ورواه موصولًا أيضًا: ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٧/ ٨)، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي ﵁.

1 / 143