Copernicus Darwin Freud
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Genres
200-100 ألف سنة
العصر الحديث
100 ألف-الحاضر *
هذه البيانات معاد تجميعها من الموسوعة البريطانية 18 (1991)، 803-854 ومجلة ساينتيفيك أمريكان 13 (2003)، مع نصائح من الدكتور هولجر شوتكوفسكي، قسم الآثار في جامعة برادفورد.
كان واضحا قبل داروين أن أصل البشرية جذوره ضاربة في العصور القديمة. مع ذلك، لا يوضح هذا أي شيء بشأن أصل الإنسان، ولكن متى عاش أجداد البشر هؤلاء؟ لم يكن لدى الباحثين أي مقاييس مطلقة للعصور على الأرض، فقط تسلسل نسبي (جدول
2-1 ). لم يكن واضحا طول المدة التي استمر فيها العصر الجليدي على الأرض. ولكن كان يوجد ترتيب تنازلي في الماضي: من العصر الحديدي إلى العصر البرونزي إلى العصر الحجري، وقبل ذلك، فترة البليستوسين، وفترة البليوسين، وفترة الميوسين. ومرة أخرى لعبت الممارسات الاستدلالية دورا رئيسيا. عندما عثر مع الحفريات البشرية على أدوات وأسلحة حجرية بدائية، استدل على أن البشر الأوائل كانوا مضطرين للتعامل مع مثل هذه الأدوات البدائية. وبالنسبة للمراحل اللاحقة، حلت الأدوات البرونزية والحديدية محل الأدوات الحجرية؛ لذا لا بد أن أشباه البشر المكتشفين مع أدوات حجرية أقدم من أشباه البشر المكتشفين مع أدوات أكثر تطورا. حدد معظم الباحثين ظهور أشباه البشر في فترة البليستوسين (العصر الجليدي). لم يكن الكتاب في ستينيات القرن التاسع عشر متأكدين بشأن مدى امتداد العصور الجيولوجية في تاريخ الأرض، لكن أصول البشر أشارت إلى أنها تتخطى الحدود التوراتية (رول 1870، 159). لم يكن تحديد عصور الأرض من خلال التأريخ بالنشاط الإشعاعي قد طور بعد. في عام 1868 قدر طومسون (على نحو خطأ) عمر الأرض بأنه لا يزيد عن مائة مليون سنة. كان داروين فقط هو من انزعج بشدة من هذا التقدير. واعتنق هكسلي ووالاس الرأي القائل بأن الجيولوجيا يجب أن تحدد عمر الأرض، وأن على علماء الأحياء وضع شجرة الحياة في المساحة المتوفرة. وبما أن تقدير طومسون كان إجماليا، فإنه لم يخبرنا بشيء بشأن العصور الجيولوجية للأرض وطول مدتها. أعلن فريدريش رول عن العثور على هيكل عظمي بشري في دلتا المسيسيبي (1852-1853)، وكان عمره يقدر بسبعة وخمسين ألف سنة.
كان للجدال بشأن عصور البشر القديمة أهمية رئيسية قبل صياغة داروين نظريته للانتقاء الطبيعي. أظهر الإثبات التجريبي لعصور البشر القديمة أمرين؛ الأول: هو أن البشر كانوا أقدم بكثير من العمر المذكور في الكتاب المقدس المقدر بستة آلاف سنة. فقد وجد أشباه البشر بالفعل خلال العصر الجليدي، كما كان يوجد أيضا دليل على هجرة الجماعات البشرية في أوروبا. ألقى كل هذا شكوكا خطيرة على مقولة كوفييه أنه لا وجود لحفريات بشرية، كما أشار أيضا إلى أن الأنواع يمكن أن تنقرض وتفسح المجال لأنواع جديدة. (في عام 2003 اكتشف على جزيرة نائية في إندونيسيا ما يعتبره البعض نوعا بشريا جديدا أطلق عليه اسم «الهوبيت».) وأصبح التشابه الهيكلي بين البشر وآباء البشر والقرود موضوعا علميا جادا. وتحدت كل هذه الاكتشافات نظرية ثبات الأنواع. أما الأمر الثاني: فهو أنه قوض فكرة التعديل التدريجي التي تستلزم ظهور أنواع معينة من الكائنات على الأرض قبل أن تظهر الكائنات الأكثر تعقيدا. فلو أن البشر عاشوا على الأرض مع حيوانات انقرضت في الوقت الراهن، فإن التعديل التدريجي لا يمكن أن يكون تفسيرا ملائما. تشير كل هذه الأمور بوضوح إلى أن ثورة داروين حدثت على خلفية الاكتشافات التجريبية المتاحة وعدد من التفسيرات النظرية المتنافسة، وقد حاولت جميعها تفسير المشاهدات والاكتشافات.
صورة لتشارلز داروين (1809-1882). (4) ثورة داروين (...) حول داروين التطور من تكهنات إلى علم عملي (...). (جولد، «نظرية التطور» (2002)، 23)
لم يكن داروين أبا نظرية التطور؛ فمحاولات استخدام التطور في تفسير تنوع الحياة تركت بالفعل بصماتها على المشهد الفكري في أوروبا. لم تكن نظرية لامارك مؤثرة ولكنها لم تدخل طي النسيان أيضا. وكان داروين على علم بمن سبقوه؛ ففي الطبعات اللاحقة من كتابه الذي صدر في عام 1859، أضاف ملخصا تاريخيا لنظريات أصل الأنواع من بدايات القرن التاسع عشر كتمهيد. وجد داروين 34 مؤلفا عبروا عن اعتقادهم في تعديل الأنواع، كما قدم داروين أيضا مشاهداته المهمة بشأن تنوع الأنواع؛ فخلال رحلته على متن السفينة «بيجل»، اكتشف أصنافا مثيرة للدهشة من العصافير وعظام الحفريات من ثدييات منقرضة كبيرة في الأرجنتين. وعندما ألف كتابه «أصل الإنسان» (1871)، استفاض في ذكر المواد التجريبية المتعلقة بعصور البشر القديمة. تمتد هذه المواد من ثلاثينيات القرن التاسع عشر إلى سبعينيات القرن التاسع عشر. كان داروين بمنزلة كبلر علم الأحياء أكثر من كونه كوبرنيكوس علم الأحياء. قبل كبلر فرضية كوبرنيكوس لكنه رفض فكرة الحركة الدائرية المنتظمة. واستخدم البيانات التجريبية الخاصة ببراهي وبه لصياغة القوانين الرياضية لحركة الكواكب، ولكن كبلر لم يستطع أن يفسر على نحو صحيح سبب بقاء الكواكب في مداراتها. قبل داروين النظرية التطورية، لكنه رفض آلية لامارك بشأن وراثة السمات المكتسبة. بالنسبة لداروين، كانت الآلية هي الانتقاء الطبيعي؛ فهي تعمل على صلاحية السمات المتغايرة لدى الأفراد، لكن داروين لم يفهم الآلية الجينية للوراثة، التي جعلت تباين الأفراد ممكنا. إن الكتاب الذي طرح فيه داروين نظريته كان بعنوان «أصل الأنواع»، ونشر في 24 نوفمبر 1859. والعنوان الكامل للكتاب معبر تماما لأنه يعبر باختصار عن جوهر أفكار داروين: «أصل الأنواع عن طريق الانتخاب الطبيعي، أو الحفاظ على التغايرات المواتية خلال الصراع لأجل الحياة.»
ألفريد والاس (1823-1913).
Unknown page