241

Al-madhāhib al-fikriyya al-muʿāṣira wa-dawruha fī al-mujtamaʿāt wa-mawqif al-muslim minhā

المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها

Publisher

المكتبة العصرية الذهبية

Edition

الأولى ١٤٢٧هـ

Publication Year

٢٠٠٦م

Publisher Location

جدة

Genres

وصاروا ينظرون إلى الشرك وأهله بعين الاحتقار والازدراء والرحمة لحال المشركين أن يموتوا على شركهم، فكانوا يذهبون إلى القباب وإلى الأصنام فيهدمونها ويكسرونها دون خوف أو وَجَلٍ، يا عزَّى لا عزَّى لك، إني رأيت الله قد هانك، واتجهوا إلى عبادة خالقهم وحده، فارتاحت نفوسهم من تشتت الفكر وعبادة الأرباب المتشاكسين، والخوف من أصحاب القبور والجن والسحرة والمشعوذين، وحقَّقوا التوكُّل على الله فكفاهم الله كل ما يخيفهم أو يحزنهم، لا تزيدهم الشدائد إلّا صلابة: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ ١.
وصار فخرهم بالإسلام وحده بعد أن كان فخرهم بأمجادهم الجاهلية وبآبائهم وقبائلهم، وغير ذلك من المفاخر الجاهلية، وصار شعارهم:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
وصارت مراقبة الله تعالى نصب أعينهم في بيعهم وشرائهم وجميع معاملاتهم، لا ربا ولا غش ولا فجور ولا ظلم ولا سوء خلق.
فهل توجد هذه الأخلاق في القوميات؟ هيهات هيهات، وهل يتصور القوميون أنَّ العودة إلى تلك الحال المظلمة للجاهلية هو الذي سيجمع شمل المسلمين -والعرب خصوصًا- وأنه سيكون منهم أمة ذات حضارة وسيادة تحت مظلة القومية البالية؟!

١ سورة آل عمران، الآية: ١٧٣.

2 / 938