Al-Wijāza fī al-athbāt waʾl-ijāza
الوجازة في الأثبات والإجازة
Publisher
دار قرطبة للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٨ هـ
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
الفَصْلُ الخَامِسُ
الرَّدُّ عَلى مَنْ أنْكَرَ الإجَازَةَ
إذا عُلِمَ أنَّ الإجَازَةَ نَوْعٌ مِنْ أنَوْاعِ الرِّوَايَةِ والتَّحَمُّلِ كَما ذَهَبَ إلَيْه جَمْهُوْرُ السَّلَفِ والخَلَفِ؛ كَانَ عَلى طَالِبِ العِلْمِ أنْ يَجْتَهِدَ في اتِّبَاعِ السَّلَفِ في حِرْصِهِم عَلى طَلَبِها، والرِّحْلَةِ مِنْ أجْلِهَا ... فإنْ كَانَ الأوَائِلُ قَدْ حَرِصُوا عَلى الإجَازَةِ، وسَعَوْا إلَيْها، مَعَ وُجُوْدِ السَّماعِ وَقْتَئِذٍ، فَكَيْفَ بِنَا والحَالَةُ هَذِه؟ وقَدِ انْعَدَمِتِ الرِّوَايَةُ بالسَّماعِ المُتَّصِلِ، واللهُ المُسْتَعَانُ!
وأمَّا مَا يَبُثُّه غَرَائِبُ النَّاسِ، مِنِ انْتِقَاصِ الإجَازَةِ، والتَّرْغِيْبِ عَنْهَا، فَهَؤلاءِ: كالمُنْبَتِّ لا أرْضًا قَطَعَ، ولا ظَهْرًا أبْقَى، وقَدْ قِيْلَ: النَّاسُ أعْدَاءُ مَا يَجْهَلُوْنَ.
فإذَا قَالَ قائلٌ: مَا فَائِدَةُ الإجَازَةِ، والسَّمَاعُ قَدِ انْقَطَعَ، والأحَادِيْثُ قَدْ دُوِّنَتْ، وحُفِظَتْ؟!
قِيْلَ لَه: إنَّ في الإجَازَةِ اليَوْمَ: سُنَّةً عَظَيْمَةً، خَصَّ اللهُ ﷿ بِها هَذِه الأمَّةَ دُوْنَ غَيْرِها مِنَ الأمَمِ، كَما حَثَّ عَلَيْها النَّبِيُّ ﷺ، والسَّلَفُ الصَّالِحُ كَما مرَّ مَعَنا آنِفًا.
بَلْ مَا ازْدَادَ حِرْصُنَا عَلَيْها والسُّؤالُ عَنْها؛ إلاَّ بَعْدَ انْقِطَاعِ السَّماعِ، فالسَّلَفُ ﵃ إذَا لم يَتْرُكُوا الإجَازَةَ وطَلَبَهَا مَعَ حُصُوْلِ السَّماعِ عِنْدَهُم؛ فَكَيْفَ بِنَا نَحْنُ؟!
* * *
1 / 47