تحريفات عبد الله بن سبأ، ومنها قوله: «العجبُ ممن يزعمُ أنَّ عيسى يرجعُ، ويُكَذِّبُ بأنَّ محمدًا يرجعُ، وقد قال اللهُ ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [القصص: ٨٥]، فمحمَّدٌ أحقُّ بالرجوعِ من عيسى، قال: فقُبِلَ ذلك عنه، ووضَعَ لهم الرَّجعة (١)، فتكلَّمُوا فيها» (٢).
ولم يثبتِ البتَّةَ رجوعُ النَّبيِّ ﷺ إلى الدُّنيا بعدَ مماتِه، ولكنَّ ابن سبأ اعتمدَ على هذا الإجمال الوارد في قوله: ﴿لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾، وجعلَه في عقيدةٍ جديدةٍ بثَّها في أصحابِه الجُهَّالِ، فقبلُوها.
والواردُ عن الرَّاسخينَ في علمِ التَّفسيرِ، الذين هم أعلمُ بالتَّأويلِ: لرادُّك إلى الموتِ، أو إلى الجنَّةِ، أو إلى بلدكَ مكَّةَ (٣)، وليس فيها مثلُ هذه العقيدةِ الفاسدة.
وقد أشارَ قتادة (ت:١١٧) إلى هذين الصِّنفين من أهل البِدَعِ، وجعلَهم مقصودينَ بهذه الآيةِ، فقال: «إن لم يكونوا الحروريَّة والسبئيَّة فلا أدري من هم، ولعمري لقد كان في
(١) يعني أصحابه الذين شايعوه من مصر.
(٢) تاريخ الطبري (٢:٦٤٧).
(٣) ينظر في أقوال السلف في تفسير هذه الآية: تفسير الطبري، طـ: الحلبي (٢٠:١٢٣ - ١٢٦).