وليس الوقوعُ في المتشابه النِّسبيِّ مشكلًا، إذ لا يسلمُ أحدٌ منه؛ لأنه قد يخفى عليه كثيرٌ من المعاني، فما كان خافيًا عليه، كان بالنِّسبةِ له متشابِهًا.
لكن إن عمدَ إلى الآياتِ، وحرفَ مدلولها، أو عمد إلى قضيَّةٍ كليَّةٍ؛ كالقدرِ وغيرِه، وأخذَ بجزءٍ من آياتِها التي توافقُ معتقدَه، وحرَّف الآيات الأخرى أو أهملَها = قَصْدَ الزَّيغِ والتَّحريفِ والفتنةِ، كانَ مذمومًا بنصِّ الآيةِ، وينطبقُ هذا على عمومِ أهلِ البِدَعِ؛ كالخوارجِ والسَّبئيَّةِ، وغيرهم.
فالخوارجُ استدلُّوا ببعضِ آياتٍ على أنَّ الحكمَ لله، وجَهِلُوا وتناسوا الآياتِ الأخرى التي تثبت جواز حُكْمِ الخلقِ في بعض القضايا، فقالوا في مناظرةِ ابن عباس (ت:٦٨) لهم: «أنه حَكَّمَ الرِّجالَ في دين اللهِ (١)، وقد قال الله ﷿: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٧، يوسف: ٤٠، ٦٧]».
فردَّ عليهم ابن عبَّاسٍ (ت:٦٨)، وقال: «أرأيتم إن قرأتُ عليكم من كتابِ اللهِ المُحْكَمِ وحدَّثُتُكم من سنَّةِ نبيِّكم ﷺ ما لا تنكرون، أترجعون؟.
قالوا: نعم.
(١) يعنون أمير المؤمنين عليًّا ﵁.