113

Mafhūm al-tafsīr wa-l-taʾwīl wa-l-istinbāṭ wa-l-tadabbur wa-l-mufassir

مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ولو كان نَظَرَ البصرِ كما يقول بعضُ النَّاسِ، كانَ في الآية التي بعدها بيانُ ذلكَ، ألا ترى أنَّه قالَ: ﴿وَوَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤ - ٢٥]، ولم يقلْ: ووجوهٌ لا تنظرُ ولا تَرَى.
وقولُه ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٥] يدلُّ الظَّنُّ ها هنا على أنَّ النظرَ ثَمَّ: الثقةُ باللهِ وحُسْنُ اليقينِ، ولا يدلُّ على ما قالوا. وكيفَ يكونُ ذلكَ، واللهُ يقولُ: ﴿لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣]» (١).
وهذا المثال من التأويل المذموم الذي هو باسم الانحراف أولى، فتراه صرف اللفظ عن معناه الظاهر، إلى معنى آخر؛ لأجل أنه يعتقد أنَّ الله لا يُرى يوم القيامةِ، وهذا الاعتقاد باطلٌ، لذا فإنَّ التأويل الذي ذكره الأخفش (ت:٢١٥) سيكون باطلًا، وهذا التأويل المنحرف مما لا يوافق عليه؛ لأنَّ فيه سلبًا لمعاني القرآن، وإخراجًا لها عن ظاهرها بلا حجَّةٍ.
وقد ردَّ الأزهريُّ (ت:٣٧٠) ما فسَّرَ به الأخفشُ (ت:٢١٥)، فقال: «ومنْ قالَ: إنَّ معنى قولِه: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾

(١) معاني القرآن (١:٣٣٠).

1 / 121