Completion of Islamic Faith: Its Truth and Merits
كمال الدين الإسلامي وحقيقته ومزاياه
Publisher
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٨هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
[مقدمة]
كمال الدين الإسلامي وحقيقته ومزاياه
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﷺ وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فبناء على جهل كثير من الناس بكمال الإسلام وحقيقته ومزاياه ومحاسنه فتهاونوا به واستبدلوا بأحكامه وتشريعاته النظم الأجنبية من الشرق والغرب - هداهم الله وأخذ بنواصيهم إلى الحق- لذا جمعت هذه الرسالة الطيبة المباركة فذكرت فيها حقيقة الإسلام وكماله ومزاياه ومحاسنه بناء على قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩] [سورة آل عمران: من الآية ١٩]، فهو الدين الحق المقبول المرضي عند الله وعند أنبيائه والصالحين من عباده، وأنه يجب الدخول في الإسلام كله وترك ما
1 / 5
سواه لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨] [سورة البقرة: آية ٢٠٨]، وأن الإنسان لا يكون مسلما حتى يعتقد التوحيد بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ويعمل بأركان الإسلام الخمسة وهي الشهادتان والصلاة والزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام مرة واحدة في عمره أعني الحج، وأن يُحِلَّ ما أحله الله معتقدا حله ويترك الحرام معتقدا تحريمه وبذلك يكون مسلما ويستحق دخول الجنة والنجاة من النار إذا قبل الله منه وكان من المتقين لله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧] [سورة المائدة: من الآية ٢٧]، و(إنما) للحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه. كما ذكر في هذه الرسالة الدعوة إلى العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة، وبيان سماحة الإسلام ويسر تعاليمه حيث يسره الله غاية التيسير وجعله سمحا سهلا لا
1 / 6
عسر فيه ولا مشقة ولم يكلف أحدا فوق طاقته. ومن فضل الله وكرمه وإحسانه أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والسيئة بمثلها أو يعفو الله عنها. فديننا الإسلامي دين كامل شامل لكل ما يحتاج إليه البشر في أمور دينهم ودنياهم وآخرتهم فلله الحمد والشكر والثناء على ذلك.
كما ذكر في هذه الرسالة أمثلة من سماحة الإسلام في العبادات والمعاملات والحقوق، ووسائل حفظ الأمن إلى غير ذلك مما سيراه القارئ إن شاء الله تعالى.
كما ذكر فيها ما جاء به الإسلام من المساواة بين الناس في الحقوق، وحق المسلم على أخيه المسلم وشرح أصول الإيمان الستة، وما تيسر من ذكر مزايا هذا الدين ومحاسنه، وأنه مستقل كامل في عباداته ومعاملاته، وأن النظم الإسلامية فيها صلاح الأحوال كلها بخلاف النظم الأجنبية التي بنيت على غير أساس صحيح من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فصارت واهية متناقضة ظالمة
1 / 7
وحُكم على أهلها بالكفر والظلم والفسوق قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤] [سورة المائدة: من الآية ٤٤] . وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: ٤٥] [سورة المائدة: من الآية ٤٥]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧] [سورة المائدة: من الآية ٤٧]، وقال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: ٥٠] [سورة المائدة: آية ٥٠]، فكل ما خرج عن حكم الله ورسوله في القرآن الكريم والسنة المطهرة فهو من حكم الجاهلية.
وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ وكلام المحققين من أهل العلم أسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو طبعها أو قرأها أو سمعها فعمل بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم. كما أساله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلَى أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يذل
1 / 8
الشرك والمشركين وأن يدمر أعداء الدين وأن يصلح ولاة أمور المسلمين وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن يوفقهم للعمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في جميع المجالات، إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 / 9
[كمال الدين الإسلامي وحقيقته ومزاياه]
كمال الدين الإسلامي وحقيقته ومزاياه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد فإن الإسلام هو دين الله الذي خلق خلقه لأجله وبه أرسل رسله وبه أنزل كتبه وهو الاستسلام والانقياد لله في القول والاعتقاد والعمل فلا يستقيم إيمان بدون عمل ولا ينفع عمل بدون إيمان وعقيدة صحيحة كما أن العمل لا يقبل إلا إذا كان صالحا خالصا لله جاريا على سنة رسول الله ﷺ. وقد بين لنا رسول الله الأسس التي بني عليها هذا الدين بقوله: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام» (١) . وهذه الأسس متلازمة ووحدة متماسكة وقد تضمنت قول اللسان واعتقاد القلب وعمل الجوارح.
_________
(١) متفق عليه.
1 / 10
كما يشير إلى ذلك قول الله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: ١ - ٣] [سورة العصر: الآيات ١- ٣]، وقد دلت هذه السورة على وجوب العلم والإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر عليه فهي ميزان للمؤمن يزن بها نفسه فيعرف ربحه من خسرانه وسعادته من شقاوته ولهذا قال فيها الإمام الشافعي: لو فكر الناس فيها لكفتهم.
فحقيقة الدين الإسلامي أنه إيمان بالله ورسوله وتوحيد وإخلاص لله وصلاة وزكاة وصوم وحج وفعل للواجبات وترك للمحرمات وامتثال للأوامر واجتناب للنواهي ومحبة لله ورسوله وعباده المؤمنين وبغض لما يبغضه الله ورسوله (١) فالحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان وأحب الأعمال إلى الله. وقد أخبر الله أنه لا يجتمع إيمان بالله ومحبة من عصى الله ورسوله ولو كان من أقرب الناس كالأب والابن والأخ والعشيرة قال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: ٢٢] [سورة المجادلة: من الآية ٢٢]
_________
(١) من الكفر والفسوق والمعاصي.
1 / 11
ومن أعظم المحادة لله ورسوله تحكيم القوانين الوضعية وترك الواجبات وفعل المحرمات كالربا والزنا وشرب الخمر، ويمتاز هذا الدين بالكمال والشمول والصلاح لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وبأنه يدعو إلى كل رقي وتقدم صحيح وفيه أحل الله الطيبات النافعة وحرم الخبائث الضارة وأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وأمر بالتعاون على البر والتقوى ونهى عن الإثم والعدوان وأمر بالصدق والعدل والأمانة ونهى عن الكذب والجور والخيانة فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر فلم يترك هذا الدين خيرا إلا أمر به وحث عليه ولا شرا إلا نهى عنه وحذر منه وقد أكمله الله لعباده ورضيه منهم ولن يقبل من أحد دينا سواه وهو صراطه المستقيم الموصل إلى جنته ورضاه والمنجي من عذابه وسخطه.
1 / 12
ثم إن للإسلام نواقض من أعظمها الشرك بالله في القول أو العمل أو الاعتقاد كدعاء غير الله أو الذبح لغيره أو التوكل على غيره في جلب نفع أو دفع ضر أو حصول على نصر أو غير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله سواء كان ذلك نبيا أو وليا أو ملكا أو شمسا أو قمرا أو شجرة أو قبرا أو غير ذلك من المخلوقات التي لا تنفع ولا تضر فمالك النفع والضر هو الله وحده المنفرد بالخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الأمور. ومن ذلك تكذيب الرسول ﷺ أو بغضه أو بغض شيء مما جاء به أو الاستهزاء بسنته أو ممن تمسك بها. ومن ذلك السحر والإعراض عن دين الله لا يعلمه ولا يتعلمه ولا يعمل به ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ [الجن: ١٧] [سورة: الجن: من الآية ١٧]، ومن ذلك ترك الصلاة والحكم بغير ما أنزل الله فالتمسك بالدين هو الحق وما بعد الحق إلا الضلال، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣] [سورة الأنعام: آية ١٥٣]
1 / 13
صدق الله العظيم وبلغ رسوله النبي الكريم ونحن على ذلك من الشاهدين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. . .
1 / 14
[الإسلام هو الدين المقبول المرضي عند الله]
الإسلام هو الدين المقبول المرضي عند الله قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩] [سورة آل عمران: من الآية ١٩] .
يخبر الله تعالى أن الدين المعتبر والمرضي والمقبول عند الله هو الإسلام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله في الظاهر والباطن في القول والعمل والاعتقاد وذلك بما شرعه الله على ألسنة رسله قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥] [سورة آل عمران: آية ٨٥] فمن دان بغير دين الإسلام فهو لم يعبد الله حقيقة لأنه لم يسلك الطريق الذي شرعه على ألسنة رسله وقد أمر الله المؤمنين يدخلوا في جميع شرائع الإسلام كلها القولية والاعتقادية والعملية في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨] [سورة البقرة: من الآية ٢٠٨]، ونهاهم عن اتباع طرق الشيطان العدو المبين الذي يدعو الناس إلى
1 / 15
الكفر والمعاصي والانسلاخ عن دين الإسلام حتى يكونوا من أصحاب السعير.
وقد أخبر الله أنه أكمل لنا ديننا بتمام النصر وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة في الأصول والفروع فلا يتطرق إليه نقص أبدا ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية في أحكام الدين وأصوله وفروعه، وأتم الله علينا نعمه ظاهرة وباطنة ورأي لنا الإسلام دينا فلا يسخطه أبدا، وقد أخبر الرسول ﷺ أن دين الإسلام بني على خمسة أركان وهي شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا فمن أتى بهن كاملات فقد استكمل الإيمان واستحق الفوز من ربه والرضوان.
وقد سأل معاذ بن جبل رسول الله ﷺ عن عمل يدخله الجنة ويباعده عن النار فاستعظم رسول الله ﷺ وأخبره أن هذا العمل يسير على
1 / 16
من يسره الله عليه وأرشده إلى الإتيان بهذه الأركان الخمسة، وإن كانت الجنة لا تنال إلا برحمة الله فرحمة الله قريب من المحسنين الذين يعملون بشرائع الإسلام كلها ويتبعون الرسول ﷺ وقد قال الرسول ﷺ: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» [رواه البخاري]، وقال ﵊: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله» [رواه البخاري ومسلم]، فدل هذا الحديث الصحيح على أن تارك الصلاة يقتل ومانع الزكاة يقتل، وقد قاتل أبو بكر الصديق ﵁ مانعي الزكاة وقال إن الزكاة حق المال. وروى مسلم: «أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ فقال: أرأيت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت
1 / 17
الحرام أدخل الجنة؟ قال: نعم» ومعنى حرمت الحرام اجتنبته ومعنى أحللت الحلال فعلته معتقدا حله فدل هذا الحديث على أن من قام بالواجبات وانتهى عن المحرمات دخل الجنة. فالإسلام يتطلب فعل الواجبات كلها رغبة في ثوابها وترك المحرمات كلها خوفًا من عقابها وأركان الإسلام مرتبط بعضها ببعض ودين الإسلام وحدة متماسكة فهو قول واعتقاد وعمل وهو حب وبغض، حب لله ورسوله وحب لما يحبه الله ورسوله وبغض لما يبغضه الله ورسوله من الأشخاص والأعمال، والإسلام فعل وترك: فعل للواجبات وترك للمحرمات. وقال عطاء الخراساني: الدين خمس لا يقبل الله منهن شيئًا دون شيء شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالجنة والحياةَ بعد الموت، هذه واحدة، والصلوات الخمس عمود الدين لا يقبل الله الإيمان إلا بالصلاة، والزكاة طهور من الذنوب ولا يقبل الله الإيمان ولا الصلاة إلا بالزكاة فمن فعل هؤلاء الثلاث ثم جاء رمضان فترك صيامه متعمدا لم يقبل
1 / 18
الله منه الإيمان ولا الصلاة ولا الزكاة، فمن فعل هؤلاء الأربع ثم تيسر له الحج فلم يحج ولم يوص بحجته ولم يحج عنه بعض أهله لم يقبل الله منه الأربع التي قبله (١) .
ما يستفاد من هذه الآية: ١- وجوب الإسلام.
٢ - معرفة الإسلام وتفسيره.
٣ - فضل الإسلام.
٤ - وجوب الدخول في الإسلام كله وترك ما سواه.
٥ - أن الإسلام دين جميع الأنبياء والرسل وأتباعهم من أولهم إلى أخرهم.
_________
(١) انظر المجموعة الجليلة للشيخ فيصل بن مبارك ص ٣٩٥.
1 / 19
[وجوب الدخُول في الإسْلاَمِ كُلِّهِ وَتَرْكِ مَا سِوَاهُ]
وجوب الدخُول في الإسْلاَمِ كُلِّهِ وَتَرْكِ مَا سِوَاهُ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ - فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٠٨ - ٢٠٩] [سورة البقرة: الآيتان ٢٠٨، ٢٠٩]، يقول الله تعالى آمرا عباده المؤمنين أن يأخذوا بجميع شرائع الإسلام والعمل بجميع أوامره وترك جميع زواجره وقد خاطب الله المؤمنين في القرآن فيما يقرب من تسعين موضعًا تضمنت هذه الخطابات أمرًا ونهيًا وخبرًا وترغيبًا وترهيبًا ووعدًا ووعيدا. قال ابن مسعود ﵁: إذا سمعت الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٠٨] فأصغ لها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه.
وفي هذه الآية أمر الله المؤمنين عمومًا أن يدخلوا في جميع شرائع الدين ولا يتركوا منها شيئًا وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه إن وافق الأمر المشروع هواه فعله وإن خالفه
1 / 20
تركه بل الواجب أن يكون الهوى تبعًا للدين وأن يفعل كل ما يقدر عليه من أفعال الخير الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية البدنية والمالية وما يعجز عنه يلتزمه وينويه فيدركه بنيته، ولما كان الدخول في السلم كافة لا يمكن ولا يتصور إلا بمخالفة طرق الشيطان قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [البقرة: ٢٠٨] [سورة البقرة: من الآية ٢٠٨]، أي في العمل بمعاصي الله ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: ٢٠٨] [سورة البقرة: من الآية ٢٠٨]، وهو لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء وما به الهلاك والضرر، ولما كان العبد لا بد أن يقع منه خلل أو زلل قال تعالى: ﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [البقرة: ٢٠٩] [سورة البقرة: من الآية ٢٠٩]، أي بعد العلم واليقين ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٠٩] [سورة البقرة: من الآية ٢٠٩] أي إذا عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحجج فاعلموا أن الله عزيز في انتقامه ممن عصاه حكيم في شرعه وأمره والحكيم إذا عصاه العاصي قهره بقوته وعذبه بمقتضى حكمته.
1 / 21
ما يستفاد من هذه الآية: ا- يجب العمل بجميع شرائع الإسلام القولية والاعتقادية والعملية.
٢ - معرفة الإسلام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.
٣ - أن الدين قول واعتقاد وعمل.
٤ - أن من لم يعمل بالواجبات ويترك المحرمات فليس بمؤمن حقيقة.
٥ - وجوب العمل بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام بقدر الاستطاعة.
٦ - تحريم طاعة الشيطان فيما يأمر به من المعاصي والفواحش.
٧ - بيان عداوة الشيطان لبني آدم وأنه قد تصدى واستعد لإضلالهم ليكونوا من أصحاب السعير.
1 / 22
٨ - الوعيد الشديد للمخالفين للحق بعد ما تبين لهم الهدى.
1 / 23
[متى يكون المرء مسلمًا]
بسم الله الرحمن الرحيم
متى يكون المرء مسلمًا؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله أما بعد: فإن كثيرًا من الناس يدّعون الإسلام بدون عمل وإن دعوى الإسلام بدون عمل لا تغني شيئا وإن لكل دعوى صادقة برهانًا لقوله تعالى في سورة البقرة من الآية (١١١): ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ١١١] وإن دعوى الإسلام برهانها على كل من ادّعى أنه مسلم هو القول بالتوحيد والعمل به واتّباع الرسول ﷺ بالقول والعمل والبراءة من الشرك والبراءة من المشركين وإقامة بقية أركان الإسلام بعد ذلك والتي أهمها بعد الشهادتين الصلاة فمن جاء بها مع التوحيد كان مسلمًا ومن لم يقم الصلاة فهو كافر لقول النبي ﷺ: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (١) .
_________
(١) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1 / 24