249

Jamʿ al-Qurʾān – dirāsa taḥlīliyya li-riwāyātih

جمع القرآن - دراسة تحليلية لمروياته

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Publisher Location

بيروت

Genres

أنسي آيات من القرآن الكريم «١».
قال الإمام الباقلاني: (وقوله فَلا تَنْسى، أورد على وجه الإخبار لا على وجه الأمر، لأن النسيان لا يفعل ولا ينزل) «٢».
وقال الزرقاني: إن هذا الاستثناء صوري لا حقيقي، فلا يدل على ما زعموا، والحكمة فيه أن يعلم الله عباده أن نسيانه ﷺ الذي وعده إياه في قوله:
فَلا تَنْسى، وإنما هو محض فضل من الله وإحسان، ولو شاء سبحانه أن ينسيه لأنساه، وفي ذلك الاستثناء فائدتان: إحداهما ترجع إلى النبي ﷺ حيث يشعر دائما أنه مغمور بنعمة الله وعنايته ما دام متذكرا للقرآن لا ينساه، والثانية تعود إلى أمته حيث يعلمون أن نبيهم ﷺ فيما خصه الله به من العطايا والخصائص لم يخرج عن دائرة العبودية فلا يفتنون فيه كما فتن النصارى في المسيح ابن مريم «٣».
والدليل على أن هذا الاستثناء صوري لا حقيقي أمران:
الأول: أن النبي ﷺ كان يتعب نفسه بكثرة قراءة القرآن حتى وقت نزول الوحي مخافة أن ينساه، فاقتضت رحمة الله بحبيبه ﷺ أن يطمئنه من هذه الناحية، وأن يرحمه من هذا العناء، فقال تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) «٤»، وفي آية أخرى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ

(١) ينظر: دائرة المعارف الإسلامية، مادة (أصول) لفؤاد أفرام البستاني: ٣/ ٤٨٤.
(٢) نكت الانتصار لنقل القرآن: ٣١٢؛ باب الكلام في جواز نسيان النبي ﷺ.
(٣) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٦٧ - ٢٦٨؛ والمدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة: ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٤) سورة القيامة، الآيات (١٦ - ١٧)

1 / 260