الحاكم بلفظ: "يوشك أن يقعد الرجل على أريكته يُحدَّثُ الخ". قال السنديّ: أراد السيوطيّ أن لفظ الحديث قد غيّره الرواة، وإلا فـ "أن" موجودة فيه في الأصل، كما في رواية الحاكم. انتهى.
وفي رواية أبي داود من طريق عبد الرحمن بن أبي عوف، عن المقدام ﵁: "ألا إني أوتيت الكتاب، ومثله معه، ألا يوشك رجلٌ شبعان الخ".
وقوله: "ألا إني أوتيت": يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما: أنه أوتي من الوحي الباطن، غير المتلوّ مثل ما أعطي من الظاهر المتلوّ. والثاني: أنه أوتي الكتاب وحيًا يُتلَى، وأوتي من البيان مثله: أي أُذن له أن يبيّن ما في الكتاب، فيعمّ، ويَخُصّ، وأن يزيد عليه، وينقص، فيشرع ما ليس له في الكتاب ذكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم، ولزوم العمل به كالظاهر المتلوّ من القرآن. وقيل: "ومثله معه": أي أحكامًا، ومواعظ، وأمثالًا تمُاثل القرآن في كونها وحيًا، أو كونها واجبة القبول. وقد نزّه الله نطقَ رسوله ﷺ عن الهوى، وأمر بمتابعته فيما يأمر وينهى، فقال عزّ من قائل: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣، ٤] وقال ﷿: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]. أو المعنى: يماثله في المقدار، وقد ورد في حديث العرباض بن سارية ﵁ عند أبي داود ما يؤيّد هذا، ولفظه:"إنها لمثل القرآن، أو أكثر". لكنه حديث ضعيف (١).
[تنبيه]: ما أوتي الرسول ﷺ غير القرآن على أنواع: أحدها: الأحاديث القدسيّة التي أسندها إلى الله ﷿. وثانيها: ما أُلْهِم. وثالثها: ما أري في المنام. ورابعها: ما نَفَثَ جبريل ﵇ في رُوعه: أي في قلبه. قاله الطيبيّ. (٢).
وقوله: ألا يوشك": أي أنبّهكم بأنه قريبٌ أن يقول رجل شبعان، وإنما وصفه
(١) راجع "الكاشف عن حقائق السنن" للطيبيّ ١/ ٦٢٩ - ٦٣١.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٦٣١.