98

Commentary on the Interpretation of Surah Al-Fil by Al-Frahi - Included in 'Aathar al-Muallimi'

التعقيب على تفسير سورة الفيل للفراهي - ضمن «آثار المعلمي»

Investigator

محمد أجمل الإصلاحي

Publisher

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ

Genres

منها: أن الله ﷿ لو أغنى المؤمنين عن الأسباب لكان ذلك كشفًا لحجج الحق، وهو خلاف الحكمة كما علمت. ومنها: أن العمل بالأسباب تحت الإذن الشرعي كله خير موجب للكمال، بقدر ما فيه من المشقة، فتوسيع دائرة الأعمال تهيئة لأسباب الكمال. [ص ٥٠] ومنها: أن الله ﵎ قد آتى العبد قدرة، وأمره أن يستعملها فيما ينفعه. فإن أحب أن لا يستعملها في مصالحه الدنيوية، فإن كان الباعث له على ذلك هو الإخلاد إلى البطالة، فالبطالة خلّة سوء، لا يرضاها الله تعالى لعباده الذين خلقهم ليكملوا. فإن كان مع ذلك يطلب حوائجه من ربه ﷿ فتلك حماقة، يعطل ما آتاه الله ﷿، ويطلب ما عنده. وإن كان الباعث له هو التفرغ للصلاة والصيام فهو جهل. اسْعَ في مصالحك الدنيوية داخل الحدود الشرعية، حافظًا لحدود الله تعالى، مجتنبًا للحرام والشبهات، يكن لك أجران: أجر الساعي على نفسه، والعابد لربه. بل هي أجور كثيرة، لعل صلاة النافلة وصيامها لا تُعْشِرُها. بل إذا تشاغل عن السعي في ضرورياته الدنيوية بصلاة النفل وصيامه كان تاركًا لما أمر به، متشاغلًا بما لم يؤمر به، فلعله لا أجر له ألبتة. بل لعله لا يسلم من الإثم، وحسبك من ذلك أنه بدعة مخالف لما جرى عليه عمل النبي ﷺ، وأصحابه، والراسخين في العلم ممن بعدهم. ومنها: أن في ذلك ضرب مثل للعباد. يقال لهم: إذا كان ربكم أجرى العادة على أنه لا تُنال المنافع الدنيوية إلا بالسعي لها، هذا مع هوان الدنيا عليه، فمن باب أولى أن تكون المنافع الأخروية لا تُنال إلا بالسعي لها، فاجتهدوا في العمل، ولا تغرنّكم الأماني.

8 / 63