Collection of Fatwas and Various Articles - Ibn Baz
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز
Publisher
رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية
Genres
رسول الله ﷺ قال: قال الله ﷿: «إن أمتك لا يزالون يقولون ما كذا ما كذا؟ حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ (١)» وخرج مسلم أيضا ﵀ عن أبي هريرة ﵁ قال: «جاء ناس من أصحاب النبي ﷺ فسألوه، إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذلك صريح الإيمان (٢)» . ثم رواه من حديث ابن مسعود ﵁ قال: «سئل النبي عن الوسوسة قال: تلك محض الإيمان (٣)» .
قال النووي ﵀ في شرح مسلم لما ذكر هذه الأحاديث ما نصه: (أما معاني الأحاديث وفقهها، فقوله ﷺ: «ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان (٤)»، معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك، واعلم أن الرواية الثانية وإن لم يكن فيها ذكر الاستعظام فهو مراد، وهي مختصرة من الرواية الأولى، ولهذا قدم مسلم ﵀ الرواية الأولى، وقيل: معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه.
وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف أراد، فعلى هذا المعنى الحديث: سبب الوسوسة محض الإيمان، أو الوسوسة علامة محض الإيمان، وهذا القول اختيار القاضي عياض.
وأما قوله ﷺ: «فمن وجد ذلك فليقل: آمنت بالله (٥)» . وفي الرواية الأخرى: «فليستعذ بالله ولينته (٦)» . فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، قال الإمام المازري ﵀: ظاهر الحديث أنه ﷺ أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها، من غير استدلال
_________
(١) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٩٦)، صحيح مسلم الإيمان (١٣٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٠٢) .
(٢) صحيح مسلم الإيمان (١٣٢)، سنن أبو داود الأدب (٥١١١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٥٦) .
(٣) صحيح مسلم الإيمان (١٣٣) .
(٤) صحيح مسلم الإيمان (١٣٢)، سنن أبو داود الأدب (٥١١١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٩٧) .
(٥) صحيح البخاري بدء الخلق (٣٢٧٦)، صحيح مسلم الإيمان (١٣٤)، سنن أبو داود السنة (٤٧٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٣١) .
(٦) صحيح البخاري بدء الخلق (٣٢٧٦)، صحيح مسلم الإيمان (١٣٤)، سنن أبو داود السنة (٤٧٢٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٣١) .
1 / 61