Climatology and Plant Geography
جغرافية المناخ والنبات
Publisher
دار النهضة العربية
Genres
تمهيد:
تتناول دراسة هذا الكتاب قسمًا كبيرًا من الجغرافيا الطبيعية تشمل دراسة للمناخ، ودراسة للنبات الطبيعي. وقد جرت العادة في الدراسات الجغرافية أن تقرن دراسة المناخ بدراسة النباتات الطبيعية؛ لما بينهما من صلة واضحة، فالنبات الطبيعي هو الصورة الحية على سطح الأرض لتفاعل الأحوال المناخية مع بعضها ومع التربة. ونحن إذا تكلمنا عن المناخ وأردنا التدليل على أثره فإنما نعطي عادة أمثلة من أحوال النبات الطبيعي في المنطقة. ومن ناحية أخرى فإننا إذا وصفنا النبات الطبيعي وأبرزنا خصائصه ففي أغلب الأحوال نرجع تلك الخصائص إلى مؤثرات مناخية.
والكتاب يتناول أيضًا في قسمه المناخي أبحاثًا عن المناخ التفصيلي، وهو جانب هام من الدراسات المناخية الحديثة التي يتوخى دراسوها الدقة والتخصص، ويحوي أيضًا مبحثًا عن أثر المناخ في النواحي البشرية وهذه بلا شك هي الناحية النفعية التطبيقية من أي دراسة طبيعية.
وهناك منحى نحوته في دراسة المناخ والنبات وكافة الدراسات الجغرافية التي قمت بها حتى الآن أو أنوي القيام بها في المستقبل، وهي التأكيد على ناحية التوزيعات متخذًا قارات العالم كوحدات لذلك التوزيع. والسبب في هذا أولًا أن الجغرافيا هي حسب كثير من التعريفات المتداولة لها علم التوزيعات، وثانيًا لأن القارة وحدة جغرافية لا تحتاج إلى تحديد مصطنع، وما أكثر التصنيفات الجغرافية التي تقسم العالم إلى أقاليم، ولكن ما أكثر الخلافات بين الجغرافيين حول هذه التصنيفات. أما استخدام القارة كأساس إقليمي لا خلاف حوله ونرجو أن يكون هذا الكتاب مفيدًا لطلاب الجغرافيا.
والله ولي التوفيق
المؤلف
1 / 3
محتويات الكتاب:
أولا: المناخ
مقدمة ١١
الفصل الأول: الحرارة ١٨-٣٩
الفصل الثاني: الضغظ الجوي والرياح ٤٠-٧١
الفصل الثالث: الرطوبة والتساقط ٧٢-٩٦
الفصل الرابع: الكتل الهوائية والجبهات ٩٧-١٠٦
الفصل الخامس: التصنيفات المناخية ١٠٧-١١١
الفصل السادس: المناخ التفصيلي ١١٢-١٢٦
الفصل السابع: المناخ والإنسان ١٢٧-١٥٣
الفصل الثامن: مناخ العالم-إفريقيا ١٥٤-١٧٧
الفصل التاسع: أوربا باستثناء روسيا ١٧٨-١٩٨
الفصل العاشر: آسيا والاتحاد السوفييتي ١٩٩-٢٢٦
الفصل الحادري عشر: أمريكا الشمالية والوسطى ٢٢٧-٢٤٦
الفصل الثاني عشر: أمريكا الجنوبية ٢٤٧-٢٥٩
الفصل الثالث عشر: استراليا ونيوزيلنده ٢٦٠-٢٧٢
الفصل الرابع عشر: القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية ٢٧٣-٢٧٧
ثانيا: النبات
الفصل الخامس عشر: التربة ٢٨٠-٢٩٠
الفصل السادس عشر: النباتات الطبيعية ٢٩١-٣٠٤
الفصل السابع عشر: الغابات ٣٠٥-٣٢٢
الفصل الثامن عشر: الحشائش ٣٢٣-٣٣٢
الفصل التاسع عشر: الصحارى ٣٣٣-٣٤٠
الفصل العشرون: توزيع النبات بالقارات ٣٤١-٣٦٢
قائمة المراجع ٣٦٤-٣٦٨
1 / 5
فهرس الأشكال والخرائط:
١ الغلاف الغازي ١٤
٢ الترمومتر ١٩
٣ ترمومتر النهاية العظمى ٢١
٤ ترمومتر النهاية الصغرى ٢١
٥ ترموجراف ٢١
٦ الأشعة العمودية والأشعة المائلة ٢٣
٧ التغير السنوي في كمية الإشعاع ٢٤
٨ الإشعاع الشمسي وتوزيعه ٢٥
٩ الإشعاع الأرضي ٢٨
١٠ مقارنة بين الإشعاع الشمسي والأرضي أثناء النهار ٢٨
١١ التغير السنوي في درجات الحرارة ٢٩
١٢ انزلاق الهواء البارد ٣١
١٣ خطوط الحرارة المتساوية في يناير ٣٤
١٤ خطوط الحرارة المتساوية في يولية ٣٦
١٥ المدى الحراري السنوي ٣٨
١٦ بارومتر تورشلي ٤١
١٧ بارومتر زئبقي ٤١
١٨ بارومتر أنرويد ٤١
١٩ باروجراف ٤٢
٢٠ توزيع مثالي لمناطق الضغط ٤٧
٢١ الضغط والرياح في يناير ٤٨
٢٢ الضغط والرياح في يولية ٤٩
٢٣ دوارة الرياح ٥٠
٢٤ الأنيمومتر ٥١
٢٥ اتجاه الرياح حسب قانون فرل ٥٢
٢٦ الرياح الموسمية ٥٩
٢٧ الرياح المحلية في حوض البحر المتوسط ٦١
٢٨ مسارات أعاصير العروض الوسطى ٦٥
٢٩ نسيم البحر والبر ٦٦
٣٠ نسيم الوادي والجبل ٦٧
1 / 6
٣١ الهيجرومتر ٧٣
٣٢ مقياس المطر ٨٢
٣٣ تكون السحب في الهواء ٨٤
٣٤ المطر التضاريسي ٨٥
٣٥ مطر إعصاري ٨٦
٣٦ توزيع نظري للمطر على سطح الأرض ٨٨
٣٧ توزيع الأمطار في ليبرفيل ٨٩
٣٨ توزيع الأمطار في واو ٩٠
٣٩ توزيع الأمطار في الملكال ٩١
٤٠ توزيع الأمطار في الخرطوم ٩٢
٤١ توزيع الأمطار في القاهرة ٩٢
٤٢ توزيع الأمطار في بومباي ٩٣
٤٣ توزيع الأمطار في شنغهاي ٩٤
٤٤ توزيع الأمطار في فالنسيا ٩٥
٤٥ توزيع الأمطار في في كويبك ٩٥
٤٦ توزيع الأمطار في كييف ٩٦
٤٧ ضد أعصار وأعصار في نصف الكرة الشمالي ١٠٢
٤٨ مراحل حياة الإعصار ١٠٤
٤٩ قطاعات توضيح الجبهة المنتهية ١٠٦
٥٠ مكرر -الإقاليم المناخية حسب تصنيف كبين ١١١
٥١ تغير الحرارة بتأثير تباين السطح أثناء الليل ١١٩
٥٢ توزيع الرياح في منطقة بهاتل ١٢٢
٥٣ تغير الحرارة مع الارتفاع في حقل قمح ١٢٥
٥٤ أفريقيا- خطوط الحرارة المتساوية في يناير ١٥٦
٥٥ أفريقيا-الضغط والرياح في يناير ١٥٧
٥٦ أفريقيا- الحرارة في يولية ١٥٨
٥٧ أفريقيا- الضغط والرياح في يولية ١٥٩
٥٨ المطر السنوي في أفريقيا ١٦٢
٥٩ أوربا-خطوط الحرارة المتساوية في يناير ١٨١
٦٠ أوربا -خطوط الحرارة المتساوية في يولية ١٨٣
٦١ أوربا- الضغط والرياح في يناير ١٨٥
٦٢ أوربا- الضغط والرياح في يولية ١٨٧
٦٣ المطر السنوي في أوربا ١٨٨
1 / 7
٦٤ آسيا- الحرارة في يناير ٢٠١
٦٥ آسيا- الحرارة في يولية ٢٠٣
٦٦ آسيا- الضغط والرياح في يناير ٢٠٥
٦٧ آسيا- الضغط والرياح في يولية ٢٠٦
٦٨ المطر السنوي في آسيا ٢٠٨
٦٩ أمريكا الشمالية- الحرارة في يناير ٢٢٩
٧٠ أمريكا الشمالية- الحرارة يولية ٢٣٠
٧١ أمريكا الشمالية- الضغط والرياح في يناير ٢٣٢
٧٢أمريكا الشمالية- الضغط والرياح في يولية ٢٣٤
٧٣ المطر السنوي في أمريكا الشمالية ٢٣٦
٧٤ أمريكا الجنوبية- الحرارة في يناير ٢٤٨
٧٥ أمريكا الجنوبية- الحرارة في يولية ٢٤٩
٧٦ أمريكا الجنوبية- الضغط والرياح في يولية ٢٥٢
٧٧ أمريكا الجنوبية- الضغط والرياح في يناير ٢٥٣
٧٨ المطر السنوي في أمريكا الجنوبية ٢٥٥
٧٩ أستراليا- الحرارة في يناير ٢٦١
٨٠ أستراليا- الحرارة في يولية ٢٦٢
٨١ أستراليا- الضغط والرياح في يناير ٢٦٥
٨٢ أستراليا- الضغط والرياح في يولية ٢٦٦
٨٣ المطر السنوي في أستراليا ٢٦٩
٨٤ نطاقات التربة في العالم ٢٨٧
٨٥ توزيع النبات الطبيعي في أفريقيا ٣٤٣
٨٦ توزيع النبات الطبيعي في أوربا ٣٤٦
٨٧ توزيع النبات الطبيعي في آسيا ٣٤٩
٨٨ توزيع النبات الطبيعي في أمريكا الشمالية ٣٥٦
٨٩ توزيع النبات الطبيعي في أمريكا الجنوبية ٣٦٠
٩٠ توزيع النبات الطبيعي في أستراليا ٣٦١
1 / 8
المناخ
مدخل
...
مقدمة:
تعتبر دراسة المناخ ومعرفة خصائصه من الدراسات الهامة للإنسان في جميع جهات الأرض، وعلى مر العصور المختلفة، فقد لاحظ الإنسان الأعاصير العاتية وسقوط الأمطار وهبوب الرياح من وقت لآخر، وقد أدت ملاحظة الإنسان لتلك الظواهر الجوية والمناخية شهرًا بعد آخر، وفصلًا يلي الآخر وسنة تتلو الأخرى إلى محاولته فهم أسرار ومسببات تلك المظاهر والسعي إلى تفهم العوامل التي تتحكم فيها وتغيرها من وقت لآخر ومن مكان لآخر. ورغم مرور وقت طويل منذ بدء الحياة البشرية إلا أن الإنسان لم يتوصل بعد إلى تفسير الظواهر الجوية جميعًا. ولا تزال هناك بعض الظواهر الجوية التي تحتاج إلى الدراسة، والتفسير.
ونحن نعرف أن الأرض في دورانها حول نفسها محاطة بغلاف غازي يعتبر جزءًا من الأرض، ولكننا عادة لا نفكر في هذا الغلاف الغازي مثل تفكيرنا في الغلاف المائي أو في قشرة الأرض، ولكن أثر الغلاف الغازي يبدو لنا واضحًا إذا تحرك الهواء بسرعة. فالهواء هو الحيز الذي نعيش فيه ونتحرك فيه وهو النسمات التي يتنفسها الإنسان والحيوان والنبات وبدونه يصبح كل شيء غير قادر على البقاء. وعن طريق الهواء تتساقط الأمطار وبواسطة قوة الهواء تسير السفن الشراعية، وتدار ماكينات الهواء وغيرها١.
علم المناخ وعلم الميتورولوجيا:
لا بد أن نعرف مدى الصلة وما هو الفرق بين علم المناخ وعلم الميتورولوجيا؟ إذ إن علم المناخ قريب الصلة بالميتورولوجيا
_________
١ T.a. blair، Climatology، New YOrk، ١٩٤٢ pp ٣-٦.
1 / 11
فهما يتناولان معًا دراسة الغلاف الغازي أو الهواء The atmosphere وفي الواقع لم تكن هناك تفرقة واضحة بين العلمين في بادئ الأمر، ويعتبر بعض العلماء أن المناخ هو متوسط الأحوال الجوية في منطقة ما لفترة من الزمن، والبعض الآخر يعتبر المناخ هو علاقة الظواهر الجوية بالبيئة سواء كانت طبيعية أو بشرية، غير أن هذه المفاهيم للمناخ تضيق من حدود علم المناخ وتقصره على نواحي معينة، ويمكننا أن نعطي تعريفًا لعلم المناخ على أنه "العلم الذي يدرس الظواهر الجوية لفترة كافية من الزمن خاصة ما يتعلق منها بسطح الأرض". وقد يكون هذا المفهوم لعلم المناخ أقرب المفاهيم لتفكير الجغرافي. أما علم المتيورولوجيا فهو يتناول دراسة الظواهر الجوية في حد ذاتها وفي طبقة من طبقات الهواء سواء كان لتلك الظاهرة الجوية في حد ذاتها، وفي أي طبقة من طبقات الهواء سواء كان لتلك الظاهرة علاقة بسطح الأرض أم لا، كذلك قد تكون تلك الظاهرة فريدة أو مؤقتة. ونضرب لذلك مثلًا بعنصر المطر فإذا درسنا نظم المطر وتوزيعه على سطح الأرض فهذه الدراسة تعتبر من صميم علم المناخ، أما إذا درسنا العوامل الديناميكية التي تؤدي إلى سقوط المطر من عاصفة معينة في مكان ما فهذه الدراسة تدخل في نطاق علم الميتورولوجيا.
وقبل أن نعرض لعناصر المناخ لابد أن نتكلم عن الغلاف الغازي وتكوينه وخصائصه.
يمتد الهواء إلى عدة مئات من الكيلومترات فوق سطح الأرض وتقل كثافته بالارتفاع إلى درجة كبيرة فكثافة الهواء أكبر بالقرب من سطح الأرض عنها في طبقات الجو العليا وذلك بسبب ضغط الطبقات العليا على الطبقات السفلى، وتقل نسبة الأكسجين خاصة عند ارتفاع خمسة كيلو مترات، ويوجد نصف حجم الهواء المحيط بالأرض في الستة كيلو مترات السفلى من الغلاف الغازي، ومعلوماتنا محدودة عن الطبقات العليا من الغلاف الغازي. وفي الوقت الحاضر أمكن جمع معلومات أكثر عن الطبقات العليا عن طريق الطيران المرتفع والصواريخ التي تمكنت من الوصول إلى ارتفاع يقرب من ٤٠٠ كم أو أكثر
1 / 12
فوق سطح الأرض غير أن أهمية المعلومات التي تصلنا عن طبقات الجو العليا أهمية محدودة في الدراسات المناخية خاصة المتعلق منها بالجغرافيا، حيث إن الظاهرات المناخية التي تهمنا معظمها متصل بالطبقات الأقل ارتفاعًا، فالسحاب على سبيل المثال يوجد عادة على ارتفاع يتراوح ما بين ٩، ٢٥ كيلو مترًا.
وقد أمكن تمييز طبقات جوية في الغلاف الغازي أطلق عليها الأسماء التالية:
١- تربوسفير Troposphere.
٢- ستراتوسفير Stratosphere.
٣- أيونوسفير lONOSPHERE.
ويقصد بالتروبوسفير الطبقة السفلية من الغلاف الغازي التي تمتد من سطح الأرض حتى ارتفاع يتراوح بين ٨ و١٥ كيلو متر "يختلف سمك التروبوسفير وغيره من الطبقات في العروض الاستوائية عنها في العروض الوسطى والعليا"، وفي هذه الطبقة تقل درجة الحرارة كلما ارتفعنا بمعدل ١درجة م لكل ١٥٠متر، ومعظم التغيرات اليومية في الظواهر الجوية تقتصر على هذه الطبقة من الغلاف الغازي ولا تتعداها إلى الطبقتين الأخريين. كذلك تحتوي هذه الطبقة على معظم بخار الماء والأكسجين وثاني أكسيد الكربون.
وتنتمي طبقة التربوسفير وتبدأ طبقة الستراتوسفير عند خط يسمى التربوبوز Tropopause وتمتد طبقة الستراتوسفير من هذا الخط حتى ارتفاع يتراوح بين ٥٥ و٨٠ كيلو متر، وتتميز تلك الطبقة بثبات حرارتها وخلوها، من العواصف.
ويمكن أن تقسم طبقة الستراتوسفير إلى ثلاثة أقسام فرعية يتميز الأول "الأسفل" بصفاء الجو واستقراره وصلاحيته للطيران ولكن بمساعدة أجهزة الأكسجين. وتعرف الطبقة الوسطى بطبقة الأوزون ozone layer
1 / 13
وهي طبقة ساخنة تصل درجة حرارتها إلى ٩٥ ْم، وقد تمكنت البالونات التي تحمل الإنسان أن تصل إلى طبقة الأوزون، وكذلك البالونات الصوتية استطاعت أن تصل إليها. أما القسم الثالث أو الطبقة العليا فهي طبقة مكهربة، ولذلك فهي أدنى الطبقات الهوائية التي تمتص الموجات اللاسلكية.
وتبدأ طبقة الأويونوسفير من ارتفاع ٩٠ كيلو متر وقد تصل إلى ارتفاع ٣٦٠ كيلو متر أو أكثر، وتتميز تلك الطبقة العليا بخفة غازاتها، ولذلك يسود فيها غازا الهيدروجين والهليوم، وقد قدر أن طبقة الأيونوسفير لا يوجد فيها من الغلاف الغازي سوى نسبة ضئيلة جدًا من وزنه الكلي تقدر بنحو١: ٣٠.٠٠٠ فقط "شكل ١".
"شكل ١"
1 / 14
تكوين الهواء:
دلت التجارب على أن الهواء خليط معقد من عدة عناصر وغازات.
أولًا: غازات تظل في الحالة الغازية تحت أي ظروف جوية.
ثانيًا: بخار الماء وهو متغير فقد يتحول من الحالة الغازية إلى السيولة أو الصلابة.
ثالثًا: يحوي الهواء بعض الأجسام الصلبة مثل ذرات الغبار وذرات الملح، والغازات الدائمة أهمها غازان يكونان معًا ٩٩% من حجم الهواء إذا استثنينا بخار الماء وذرات البخار أو بمعنى آخر يكونان ٩٩% من حجم الهواء الجاف النقي، هذان الغازان هما النتروجين والأكسجين وهما أيضًا يكونان نسبة كبيرة من الأحياء التي تعيش على سطح الأرض، ويكون النيتروجين ٧٨% من حجم الهواء الجاف ويكون الأكسيجين ٢١% منه.
أما النسبة المتبقية فتشمل الأرجون، وثاني أكسيد الكربون، وغازات أخرى مثل النيون والهليوم والكربتون والهيدروجين والزينون والأوزون والرادون وغيرها. ومن الملاحظ أن نسبة الغازات الدائمة قد ظلت ثابتة تقريبًا على مر الزمن ومن مكان لآخر، وإن كان البعض يذكر أن نسبة ثاني أكسيد الكربون قد زادت زيادة طفيفة في بعض الدول الصناعية نتيجة لعمليات احتراق الوقود١.
بخار الماء في الهواء:
تتم إضافة بخار الماء للهواء عن طريق التبخر من السطوح المائية ومن التربة ومن النباتات. وبخار الماء يكون جزءًا هامًا من الهواء. ولكن بعكس الغازات الأخرى التي أطلقنا عليها الغازات الثابتة نجد أن بخار الماء تتغير نسبته في الهواء من مكان لآخر ومن وقت لآخر، ففي
_________
١ G. F. Taylor Elementary Meteorolgy" Englewood Ciffs N. g ١٩٥٩ PP ٦٢-٧٦.
1 / 15
المناطق الصحراوية تقل نسبة بخار الماء في الهواء إلى درجة كبيرة بسبب عدم وجود المياه وكذلك تقل نسبته في المناطق القطبية حيث تشتد البرودة، ويقل التبخر كما تقل مقدرة الهواء على حمل بخار الماء، وتزيد نسبة بخار الماء في الهواء في الأقاليم الدافئة المطيرة. ويظل جزء من بخار الماء في الهواء كغاز في كل الأوقات وتحت درجات الحرارة المختلفة حتى بعد حدوث التكاثف. ولبخار الماء علاوة على أهميته بالنسبة لأنه مصدر الماء الذي يتساقط على سطح الأرض أهمية في أثره على الظواهر الجوية الأخرى مثل: الحرارة والضغط الجوي.
الغبار في الهواء:
تتعلق في الهواء كميات هائلة من ذرات غير غازية، وقد يوجد الغبار في الهواء بصورة مرئية للعين إذ إنه أحيانًا يعطي الهواء صورة مغبرة غامقة، وهناك ذرات صلبة دقيقة جدًا توجد في الهواء حتى ولو لم ترها العين المجردة، وتتكون الذرات الدقيقة أحيانًا من الدخان أو أملاح البحر. ومن الطبيعي أن نجد ذرات الغبار أكثر في الطبقات السفلى من الهواء عنها في الطبقات العليا منه، كذلك تضاف ذرات الرماد البركاني إلى الهواء عن طريق مقذوفات البراكين وقت ثورانها، وكذلك الرماد المتخلف عن احتراق الشهب في الهواء. ولتلك الذرات المتعلقة في الهواء أهمية كبرى بسبب تأثيرها على الأحوال الجوية إذ إن معظم تلك الذرات تتشبع بالماء وتكون النواة التي تتم عليها عملية التكاثف لبخار الماء، كذلك تعتبر تلك الذرات سطوحًا تستقبل أشعة الشمس، فإذا كانت هناك كميات هائلة من الغبار في الهواء كما يحدث عادة في فترات النشاط البركاني فإن وجودها قد يؤدي إلى تقليل كمية الحرارة التي تصل إلى سطح الأرض، ويعتقد بعض العلماء أن زيادة النشاط البركاني في عصر البليستوسين قد تكون المسئولة عن إضعاف قوة الإشعاع الشمسي وحدوث العصر الجليدي.
خصائص الهواء:
هناك بعض القوانين المتعلقة بخصائص الهواء ومن أهم
1 / 16
تلك القوانين قانون بويل Boyle. وقد وجد بويل "١٦٢٧-١٦٩١" أن حجم الغاز يتناسب تناسبًا عكسيًا مع الضغط إذا ظلت درجة حرارته ثابتة.
أما شارل "١٧٤٦-١٧٢٣""charles" فقد اكتشف أنه إذا ظل حجم الهواء ثابتا فإن الضغط يزداد مع ارتفاع الحرارة، ثم أثبت جاى لوساك "Gay Lussac "١٧٧٨-١٨٥٠ أنه إذا ظل الضغظ ثابتًا فإن الحجم يزداد مع ازدياد الحرارة.
ونخرج من هذه القوانين بنتيجة هامة تستخدم في الدراسات المناخية، وهي أن زيادة درجة الحرارة تؤدي عادة إلى زيادة حجم الهواء وارتفاعه إلى أعلى، ومن ثم انخفاض الضغط الجوي والعكس صحيح.
1 / 17
الفصل الأول: الحرارة
أهم عناصر المناخ هي:
١- الحرارة.
٢-الضغط الجوي.
٣- اتجاه وسرعة الرياح.
٤- الرطوبة والمطر.
وسوف نتناول كل من هذه العناصر بالدراسة فيما يلي:
الحرارة:
يعتبر عنصر الحرارة من أهم عناصر المناخ، وتختلف درجات الحرارة في أنحاء العالم المختلفة اختلافًا كبيرًا. وللحرارة آثار واضحة على الإنسان والحيوان والنبات، كما أن للحرارة تأثيرا كبيرًا أيضًا على عناصر المناخ الأخرى مثل الضغط الجوي. ومن المعروف أن الحرارة عبارة عن تعبير عن قوة الطاقة الموجودة في أي جسم وبزيادة تلك الطاقة تزداد حرارة الجسم.
وتقاس الحرارة بواسطة أجهزة أهمها ما يأتي:
الترمومتر:
وهو جهاز عادي بسيط، يتكون من أنبوبة زجاجية ذات مؤخر كروي في أحد طرفيها ويوضع بداخل الأنبوبة سائل ويستخدم الزئبق عادة لهذا الغرض، ويتغير ارتفاع الزئبق في الأنبوبة مع تغير الحرارة؛ إذ إن الزئبق جسم يتأثر بتغير الحرارة فيتمدد إذا ارتفعت الحرارة وينكمش إذا انخفضت الحرارة. وقد حدد ارتفاع الزئبق في الأنبوبة وعين مكانه بعلامة عند درجة حرارة تجمد الماء واعتبرت هذه النقطة على الأنبوبة درجة الصفر المئوي، كذلك حدد ارتفاع الزئبق في الأنبوبة عند درجة حرارة غليان الماء، واعتبرت تلك النقطة درجة ١٠٠ مئوية، ثم قسمت المسافة بين النقطتين إلى مائة قسم وبذلك يكون كل قسم درجة واحدة في الترمومتر المئوي وهذا الترمومتر اخترعه العالم السويدي
1 / 18
اندرز سلسيوس Anders Cilsius عام ١٧٤٢م. أما في حالة الترمومتر الفرنهيتي، وهو الذي اخترعه دانيل فرنهيت Daniel Fehrenheit عام ١٧١٠م، وهو عالم طبيعة ألماني، فإن درجة التجمد في هذا الترمومتر هي ٣٢ ودرجة الغليان هي ٢١٢ "شكل٢".
ويمكن تغيير درجات الحرارة من المئوي إلى الفرنهيت بسهولة إذ إن الدرجة الفرنهيت تساوي ٩/٥ من الدرجة المئوية.
وقد يستخدم في بعض الترمومترات الكحول بدلًَا من الزئبق في المناطق شديدة البرودة؛ تجنبًا لاحتمال تجمد الزئبق في الأنبوبة إذ إن الزئبق يتجمد عند درجة حرارة ٣٩،٣درجة م
ترمومتر مئوي ترمومتر فرنهيتي
"شكل ٢"
1 / 19
ترمومتر النهاية العظمى والصغرى:
وهناك ترمومترات خاصة لقياس أعلى درجة حرارة وأقل درجة حرارة، وفي ترمومتر النهاية العظمى يوجد جزء ضيق في الأنبوبة بجانب الفقاعة مباشرة، بحيث إن الزئبق يستطيع المرور من الفقاعة إلى الأنبوبة، ولكنه لا يستطيع أن يعود إلى الفقاعة مرة أخرى عندما تنخفض الحرارة وينكمش الزئبق فيظل في مكانه في الأنبوبة مسجلًا بذلك أعلى درجة حرارة حدثت في فترة الرصد، وعند وضع هذا الترمومتر لا بد أن تكون الفقاعة في وضع مرتفع قليلًا عن الأنبوبة "شكل ٣".
أما ترمومتر النهاية الصغرى فيستخدم فيه الكحول بدلًا من الزئبق ويوضع في داخل الأنبوبة قضيب صغير من الزجاج، وعند وضع هذا الترمومتر يلاحظ أن تكون الفقاعة في وضع منخفض قليلًا عن الأنبوبة، وعندما تنخفض درجة الحرارة فإن السائل الكحولي ينكمش ويسحب معه القضيب الزجاجي نحو الفقاعة، ولكن عندما ترتفع درجة الحرارة ويتمدد السائل فإنه يترك القضيب الزجاجي ليحدد أقل درجة حرارة حدثت أثناء فترة الرصد "شكل ٤".
الترموجراف:
وهو عبارة عن جهاز يسجل درجات الحرارة لفترة من الزمن تبلغ عادة أسبوعًا، ومن أشهر أنواع الترموجراف ذلك النوع الذي يتكون من أسطوانة تملأ بسائل ثم تغلق بإحكام، فعند حدوث أي تغير في الحرارة يتغير حجم الأسطوانة بالتمدد أو الانكماش، ويؤدئ ذلك إلى تحريك ذراع متصلة بالأسطوانة، ويثبت في نهاية الذراع ريشة تتحرك إلى أعلى وأسفل وترسم خطًا على ورقة ملفوفة حول الأسطوانة، ومقسمة رأسيًا إلى درجات وأفقيًا إلى أيام وساعات. وتدور الأسطوانة وحولها الورقة مثل الساعة فترسم الريشة خطًا بيانيًا يوضح التغيرات في درجات الحرارة في فترة الرصد "انظر شكل ٥".
درجة الدقة في رصد الحرارة:
لا بد في رصد درجات الحرارة من التأكد من أن الترمومتر يسجل درجات الحرارة الفعلية للهواء فقد يحدث أن يتعرض الترمومتر لأشعة الشمس، والمعروف أن درجة الحرارة لا بد أن تسجل في الظل،
1 / 20
"شكل ٣" ترمومتر النهاية العظمى "شكل ٤" ترمومتر النهاية الصغرى
"شكل ٥" الترموجراف ١- جزء معدني يتأثر بحرارة الجو ٢- رافعة تتصل بالجزء المعدني
٣- ذراع تحرك ريشة على الأسطوانة ٤- أسطوانة ملفوفة عليها ورقة
1 / 21
كذلك قد يتعرض الترمومتر لأثر الحرارة المنعكسة من مباني مجاورة فيسجل درجات حرارة أعلى من الواقع، كذلك لا بد أن يوضع الترمومتر في مكان يتخلله الهواء.
وللحصول على متوسطات حرارية تفيد في الدراسات المناخية لا بد من الحصول على متوسطات لمدة ٣٥ سنة. وأساس المتوسط الحراري السنوي هو المتوسط الحراري اليومي الذي يؤخذ من عدة قراءات للترمومتر أثناء اليوم تكون عادة في الساعة السابعة صباحًا ثم الثانية بعد الظهر ثم التاسعة مساء، وقد يؤخذ من المتوسط النهاية العظمى والنهاية الصغرى للحرارة أثناء اليوم، وقد وجد أن الفرق ضئيل جدًا بين النتائج التي يحصل عليها من الطريقتين؛ لذلك يمكن استخدام أيهما دون الوقوع في خطأ كبير.
أشعة الشمس: مصدر حرارة الأرض الرئيسي هو الشمس فمن هذا الجسم الهائل الملتهب الذي تبلغ حرارة سطحه ٧٠٠ درجة م تخرج أشعة قوية تصل إلى الأرض بعد مرورها في الفضاء لمسافة ٩٣ مليون ميل فتعطي الأرض ١/٢٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠من قوة الأشعة التي تخرج من الشمس، هذا الجزء البسيط من أشعة الشمس يصل إلى الأرض فيسخنها ويمدها بالضوء١.
العوامل التي تتحكم في توزيع أشعة الشمس على سطح الأرض:
تتوقف كمية الإشعاع الذي يصل إلى الأرض على عاملين:
١- تركيز أشعة الشمس أو الزاوية التي تصل بها أشعة الشمس إلى الأرض.
٢- طول المدة التي تستمر فيها الشمس فوق الأفق. فنلاحظ أن شعاعًا يصل إلى الأرض في زاوية مائلة تكون قوته أقل من شعاع يصل عموديًا على
_________
١ H.C. Willett & F. Sandres،Descrptive Meteorology" New York ١٩٥٩ PP ٣٨- ٨١
1 / 22
الأرض؛ لأن الشعاع المائل يخترق مسافة أطول في الفضاء فيفقد جزءًا أكبر من قوته، بينما الشعاع العمودي الذي يخترق مسافة أقصر يفقد جزءًا أقل، كما أن الشعاع المائل يتوزع على مساحة أكبر من سطح الأرض فيقل تركيزه في حين أن الشعاع العمودي يتركز في مساحة أصغر فتزداد قوته "شكل٦".
أما العامل الثاني فهو لا يحتاج إلى شرح حيث إن أشعة الشمس إذا دامت مدة أطول-ويقصد بذلك طول النهار- كانت كمية الحرارة التي تكتسبها الأرض أكثر مما لو كان النهار قصيرًا. من هذا نستنتج أن خطوط العرض الواحدة عادة تكتسب كمية واحدة من الحرارة، وأنه باختلاف خطوط العرض تختلف درجات الحرارة "إذا تساوت الظروف الأخرى التي تؤثر في حرارة الإقليم".
ولما كانت أشعة الشمس تقع عمودية على خط الاستواء أثناء الاعتدالين وهما الربيع والخريف فإن كمية الأشعة التي تصيب نصف الكرة الشمالي تساوي
1 / 23
الكمية التي تصيب النصف الجنوبي خلال هذين الفصلين. أما في الصيف الشمالي "من ٢٢ يونية إلى ٢٢ سبتمبر" فإن أشعة الشمس تكون عمودية على مدار السرطان، ومائلة على مدار الجدي؛ فيكتسب نصف الكرة الشمالي كمية أكبر من أشعة الشمس والعكس في الصيف الجنوبي "من٢٢ ديسمبر إلى ٢١ مارس" حيث يكتسب نصف الكرة الجنوبي كمية أكبر من أشعة الشمس خلال ذلك الفصل، ويضاف إلى ذلك بالطبع طول النهار أثناء فصل الصيف وقصره أثناء فصل الشتاء.
"شكل ٧"
أثر الهواء على الإشعاع الشمسي:
تتأثر أشعة الشمس المخترقة للهواء في طريقها إلى سطح الأرض بالمحيط الهوائي الذي تمر فيه، وأهم أثر في هذا القبيل هو تقليل قوة تلك الأشعة، ويتوقف تأثير الهواء على أشعة الشمس على عدة عوامل منها: كمية السحب، وكمية الغبار الموجودة في الهواء. والأشعة المخترقة للهواء يضيع جزء منها بالتبدد Scattering، وجزء آخر بالانعكاس إلى طبقات الجو العليا Reflection، وجزء ثالث بالامتصاص Absorption. ويقدر أن ٣٥% من جملة الأشعة المرسلة من الشمس نحو الأرض تضيع بواسطة التبدد والانعكاس ولا تستخدم في تسخين الأرض و١٤% تمتص بواسطة الهواء،
1 / 24
ولا يصل إلى الأرض سوى ٥١% المتبقية وإن كانت ١٤% التي يمتصها الهواء تصل إلى الأرض بطريق غير مباشر فيما بعد عن طريق تسخين الهواء لسطح الأرض.
"شكل ٨"
توزيع الإشعاع الشمسي على سطح الأرض:
أشعة الشمس تكون قوية عند خط الاستواء ثم تقل نحو الشمال والجنوب ويسود هذا الوضع خاصة أثناء الاعتدالين، ولكن مركز الحرارة القصوى ينتقل إلى نصف الكرة الشمالي أثناء الصيف الشمالي ونحو النصف الجنوبي في فصل الصيف الجنوبي، وذلك مع حركة الشمس الظاهرية.
ويمكن تمييز ثلاثة نطاقات حرارية عامة هي:
١- العروض السفلى.
٢- العروض المتوسطة.
٣- العروض العليا.
1 / 25