147

ʿAqd al-jumān fī tārīkh ahl al-zamān

عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان

Editor

د محمود رزق محمود (جامعة المنيا) [ت ١٤٤٠ هـ]

Publisher

مطبعة دار الكتب والوثائق القومية

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
وقال ابن الأثير (^١): وبني جامع حماة (^٢) على العاصي (^٣)، وهو من أحسن الجوامع. قال (^٤): ووقع بيد نور الدين إفرنجي (^٥) من أكابر الملوك، ففدى نفسه بمال عظيم، فشاور نور الدين أمراءه، فأشاروا ببقائه في الأسر؛ خوفا من شره، فأرسل إليه نور الدين في السر، يقول: أحضر المال، فأحضر ثلثمائة ألف دينار، فأطلقه نور الدين، فعند وصوله إلى مأمنه مات. وطلب الأمراء سهمهم من المال، فقال نور الدين: ما تستحقون منه شيئا؛ لأنكم نهيتم عن الفداء، وقد جمع الله لي الحُسْنَيْين: الفداء، وموت اللعين وخلاص المسلمين منه. فبنى بذلك المال مارستان دمشق، ومدرسة ودار الحديث بدمشق (^٦)، ووقف عليها الأوقاف.
قال ابن الأثير (^٧): وبلغني أن أوقاف نور الدين في أبواب البر بالشام في وقتنا هذا، وهو سنة ثمان وستمائة، كل شهر تسعة آلاف دينار صورِية (^٨)، ليس فيها مِلك، بل حق ثابت بالشرع باطنا وظاهرا، صحيح الشراء.
وقال السبط (^٩): أما في زماننا هذا فقد تشعَّث وقفه، وتغيرت صفاته، ولم يبق منه إلا آثاره وبركاته.

(^١) انظر: الباهر، ص ١٧٠، حيث ينقل العينى عنه بتصرف؛ المرآة، ج ٨، ص ١٩٥؛ الروضتين، ج ١ ق ١، ص ٢١.
(^٢) جامع مفرد مشرف على نهرها، المعروف بالعاصي، عليه عدة نواعير تستقى الماء من العاصي فتسقي بساتينها وتصب إلى بركة جامعها. انظر: معجم البلدان ج ٢، ص ٣٣١، مادة "حماة"؛ خطط الشام، ج ٦، ص ٦١.
(^٣) اسم نهر حماة وحمص، مخرجه من بحيرة قَدَسْ ومصبه في البحر قرب أنطاكية. والعاصي ضد الطائع. وقد سمي بذلك لأن أكثر الأنهرُ تتوجه ذات الجنوب، وهو يأخذ ذات الشمال. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٥٨٨.
(^٤) القول هنا ليس لابن الأثير. فقد ذكر ابن الأثير، أن نور الدين أطلق بيمند صاحب أنطاكية بمال جزيل أخذه منه، وأسرى كثيرة من المسلمين أطلقهم". انظر: الباهر، ص ١٢٥؛ الكامل، جـ ٩، ص ٤٦٩، أحداث سنة ٥٥٩ هـ. أما عن تفصيل هذه النادرة وارتباطها ببناء مارستان دمشق، انظر: مرآة الزمان، جـ ٨، ص ١٩٦ - ١٩٧؛ الروضتين، ج ١ ق ١، ص ٢١؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٠٠.
(^٥) هو: البرنس بوهيموند الثالث صاحب أنطاكية. ويطلق عليه العرب بيمند. وقد أسره نور الدين في معركة حارم مع عدة من ملوك الفرنج وذلك في سنة ٥٥٩ هـ/ ١١٦٤ م. انظر: الباهر، ص ١٢٥؛ حسين مؤنس: نور الدين محمود، ص ٢٩٤ - ٢٩٧.
(^٦) عن مدرسة ودار الحديث النورية بدمشق انظر: الدارس، ج ١، ص ٦٠٨ - ٦١١؛ الباهر، ص ١٧٢.
(^٧) نقل العينى هذا النص بتصرف من الباهر، ص ١٧٢. انظر أيضًا: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٩٥؛ الروضتين، ج ١ ق ١، ص ٢٣.
(^٨) الدنانير الصورية: هي الدنانير المسكوكة التي يؤتي بها من البلاد الإفرنجية والروم، وهي مشخصة، على أحد وجهيها صورة الملك الذي تضرب في زمنه. ويعبر عنها بالإفرنتية. انظر: صبح الأعشي، ج ٣، ص ٤٣٧.
(^٩) انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٩٥.

1 / 164