213

Cinaya Tamma

العناية التامة في تحقيق مسألة الإمامة

قوله: ثم المأمور على أنه لا يعتقده إلا لدليل. يقال: كيف يحسن منه أمر غيره بالإقدام على ما لا يأمن كونه خطأ وهو قبيح، والأمر بالقبيح قبيح، ولا معنى لهذا الحمل لأنه لا يصور إلا مع كون المأمور مظنة لذلك، بأن يكون عارفا بأن مثل ذلك يتوقف على معرفة الدليل القاطع مع كونه ممن له أهلية النظر، فأما مع كون ذلك في حكم المستحيل منه، فلا معنى لذلك الحمل، ثم نقول: هلا لقنه مع تلقين التسبق، إن ذلك لا يسوغ له إلا بعد معرفة الدليل، إن كان القصد إرشاده سواء السبيل، ومثل ذلك لم يسمع به عن أحد من الملقنين، ولا أظنه خطر لهم ببال.

قوله: إن صدر عنه التفسيق لا عن دليل. يقال: ولم لا يكون ذلك بعد النظر في أدلة الفسق التي أوردها، واشتد اعتقاده إليها، فإن قطعية الدليل وعدمها، مما يمكن معرفته، لا يبعد الجزم به بل لمن نظر وأمعن الفكرة في أنواع الأدلة، وأقسامها، وما يمكن الاستدلال به دلالة قاطعة منها، فلم يجد دليلا أن يقطع بعدم حصول القاطع، فإن القرآن ما يدل من آياته دلالة قاطعة متلوة معروفة، والأخبار المتواترة، والإجماع المتواتر إن صح، مما لا اختصاص به لأحد دون غيره من أهل البحث والمعرفة، والقياس متعذر في مسألتنا أو متعسة، ولو أمكن إطلاع بعض دون بعض على الحجة في الأدلة الظنية التي لا حكم لها في مسألتنا. قوله: كونه ينهض حجة في مثل هذا المقام.

يقال: أردنا بذلك الاستظهار بأحوال السلف، وردع المفسقين المستبدين، في تفسيقهم إلى فتوى من ليس كمثلهم في الرتبة، وبيان أن هذه العقيدة المستفيضة من الأمور المستبدعة المستحدثة.

Page 220