189

Cinaya Tamma

العناية التامة في تحقيق مسألة الإمامة

فقد ساعدنا مولانا إلى ما رام من لزوم الإنكار على من كانت تلك صفته، فإن قال: إنا قد علمنا الأئمة أنهم لم ينكروا، فإما حكمنا بخطأ الأئمة أو بكون المسألة ظنية؛ قلنا: قد دللنا على أنها قطعية فإن صح عن الأئمة أنهم تركوا الإنكار كان ذلك دليلا على عدم علمهم بحال الأتباع لا على خطأهم بتركهم الإنكار عليهم، ولا على كون المسألة ظنية، ومع عد علمهم لأنكرتهم الإنكار كما قدمنا، ويصير حال الأئمة في ذلك كحال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا حسن من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-أمر العربي الجلف باعتقاد نبوته، وتسليم الحقوق إليه، من غير أن يأمره بتقديم النظر في ذلك، حملا لمن اتبعه على السلامة فبالأولى أن يحسن ممن هو دونه، وهو الإمام، أمر العوام باعتقاد إمامته وتسليم الحقوق إليه، مع حملهم بعد الاتباع والتسليم على أن ذلك كان عن دليل، فإن قال: إن بين المسألتين فرقا فإن مسائل الإمامة أخفى من مسائل النبوة، لا نسلمه فإن في مسائل النبوة ما يحتاج إلى دقيق النظر، بل لو ادعى العكس في ذلك لأمكن، ثم سلمنا ما ذكره من زيادة خفاء مسائل الإمامة على مسائل النبوة، فلا شك أن في سائر مسائل الأصول ما هو أدق وأخفى من مسائل الإمامة، وكان يلزم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-وسائر العلماء الإنكار على العوام جميع[ما] اعتقدوه من ذلك، وخلافه معلوم لا ذلك إلا بما ذكرناه من الحمل على السلامة.

وأما ذكره مولانا -أبقاه الله تعالى- من أن أكثر المعتزين إلى الأئمة القائلين بإمامتهم، الممتثلين لأوامرهم ونواهيهم، المترتبة على صحة الإمامة وثبوتها، لم يقدموا على ذلك لنظر اقتضاه، ولا دليل أوصلهم إليه، فذلك حمل منه لهم على غير ما ينبغي سواء جعلنا الإمامة ظنية أو قطعية، ثم لو سلمنا أن ذلك معلوم لمولانا من حالهم، فمن أين أن الأئمة قد علموه أيضا حتى يلزمهم الإنكار!؟ فإنه لا يلزم فيما علمه شخص أن يعلمه أخر.

قوله: وليس لقائل أن يقول: كثير من المسائل القطعية يصح التقليد فيها، فإنا نقول: ذلك لا يصح إلا فيما كان منها عمليا لا يترتب على علمي، قلنا: هذا صحيح، لكن لسنا نسلم أن تسليم العامة للحقوق إلى الأئمة، صدر عن تقليد بل هو كتسليمهم لها إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-سواء سواء، وهذا إتمام جملة ما يتعلق بالجهة الثانية من الكلام.

Page 196