Cinaya Sharh Hidaya

Al-Babarti d. 786 AH
89

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Publisher

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

Publisher Location

لبنان

وَحُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ ﵀ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ وَلَيْسَ الْكَلْبُ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ يُنْتَفَعُ ــ [العناية] لِلْحُبُوبِ دُونَ السَّمْنِ وَالْخَلِّ وَغَيْرِهِمَا. فَإِنْ قِيلَ: جِلْدُ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ خَارِجٌ عَنْ عُمُومِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ أَوْ بِقَوْلِهِ ﷺ «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ» أُجِيبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِيهِ إبْطَالُ النَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﵊ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ» الْحَدِيثَ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْجِلْدَ الطَّاهِرَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَالْخِنْزِيرِ خَارِجَانِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، وَلَوْ خَرَجَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ أَيْضًا لَزِمَ إبْطَالُ النَّصِّ بِالْقِيَاسِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَالنَّهْيُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْإِهَابِ وَهُوَ اسْمٌ لِجِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ كَذَا قَالَ الْخَلِيلُ وَالْأَصْمَعِيُّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ» لِيَجُوزَ تَخْصِيصُهُ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ. قَوْلُهُ: (وَحُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ جِلْدِ الْكَلْبِ بِالدِّبَاغِ، وَتَخْصِيصُ الْكَلْبِ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِيَاسًا عَلَى جِلْدِ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ، وَعَلَى هَذَا لَا فَائِدَةَ فِي تَخْصِيصِهِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْكَلْبُ بِنَجِسِ الْعَيْنِ) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ الشَّافِعِيِّ الْكَلْبَ عَلَى الْخِنْزِيرِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي كَوْنِ الْكَلْبِ نَجِسَ الْعَيْنِ، فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي مَبْسُوطِهِ: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّ عَيْنَ الْكَلْبِ نَجِسٌ، إلَيْهِ يُشِيرُ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ: وَلَيْسَ الْمَيِّتُ بِأَنْجَسَ مِنْ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. قِيلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ حِرَاسَةً وَاصْطِيَادًا وَلَيْسَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَذَلِكَ، وَلَا يُشْكِلُ بِالسِّرْقِينِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ لَا مَحَالَةَ وَيُنْتَفَعُ بِهِ إيفَادًا وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْإِهْلَاكِ، وَهُوَ جَائِزٌ كَالدُّنُوِّ مِنْ الْخَمْرِ لِلْإِرَاقَةِ، وَهُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ.

1 / 93