64

Al-ʿInāya sharḥ al-Hidāya

العناية شرح الهداية

Publisher

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

لبنان

لِقَوْلِهِ ﵊ «كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي وَفِيهِ الْوُضُوءُ» وَالْوَدْيُ: الْغَلِيظُ مِنْ الْبَوْلِ يَتَعَقَّبُ الرَّقِيقَ مِنْهُ خُرُوجًا فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِهِ، وَالْمَنِيُّ: خَاثِرٌ أَبْيَضُ يَنْكَسِرُ مِنْهُ الذَّكَرُ، وَالْمَذْيُ: رَقِيقٌ يَضْرِبُ إلَى الْبَيَاضِ يَخْرُجُ عِنْدَ مُلَاعَبَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ. وَالتَّفْسِيرُ مَأْثُورٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -. .
بَابُ الْمَاءِ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ وَمَا لَا يَجُوزُ:
(الطَّهَارَةُ مِنْ الْأَحْدَاثِ
ــ
[العناية]
(لِقَوْلِهِ ﷺ «كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي وَفِيهِ الْوُضُوءُ») رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ الْوُضُوءَ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَذْكُرَهُمَا فِي فَصْلِ الْوُضُوءِ. أُجِيبَ بِأَنَّهُمَا يُشَابِهَانِ الْمَنِيَّ فَذَكَرَهُمَا فِي فَصْلِ الْغُسْلِ، وَالْأَوْجُهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا ذَكَرَهُمَا هُنَا؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ ﵀ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي رِوَايَةٍ، فَذَكَرَهُمَا هُنَا نَفْيًا لِمَا يَقُولُهُ. فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ حُكْمُهُ الْوُضُوءَ كَانَ ذِكْرُهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ. أُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَهُ لِلتَّأْكِيدِ، وَقِيلَ ذَكَرَهُ تَصْرِيحًا بِالنَّفْيِ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ بِهِمَا. فَإِنْ قِيلَ نَقْضُ الْوُضُوءِ بِالْوَدْيِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ عَلَى أَثَرِ الْبَوْلِ وَقَدْ وَجَبَ الْوُضُوءُ بِالْبَوْلِ قَبْلَهُ فَلَا يَجِبُ بِالْوَدْيِ بَعْدَهُ.
أُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا بَالَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَوْدَى فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ إذَا تَوَضَّأَ لِلْبَوْلِ ثُمَّ أَوْدَى حَالَةَ بَقَاءِ الْوَقْتِ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ فِي الْوَدْيِ لَوْ تُصُوِّرَ الِانْتِقَاضُ بِهِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَالتَّفْسِيرُ مَأْثُورٌ عَنْ عَائِشَةَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ لَيْسَ خَاثِرًا وَلَا أَبْيَضَ وَإِنَّمَا هُوَ رَقِيقٌ أَصْفَرُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ يَنْكَسِرُ مِنْهُ الذَّكَرُ، وَالتَّعْرِيفُ الْجَامِعُ لِمَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنْ يُقَالَ: مَاءٌ دَافِقٌ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ صُلْبِ الرَّجُلِ وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ.
[بَابُ الْمَاءِ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ وَمَا لَا يَجُوزُ]
مَعْنَى الْبَابِ فِي اللُّغَةِ النَّوْعُ، وَقَدْ يُعَرَّفُ بِأَنَّهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا كِتَابٌ وَلُقِّبَتْ بِبَابِ كَذَا.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الطَّهَارَتَيْنِ ذَكَرَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ الطَّهَارَةُ مِنْ الْأَحْدَاثِ غَلِيظًا كَانَ

1 / 68