Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Publisher
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1389 AH
Publisher Location
لبنان
Genres
Ḥanafī Law
وَالْأَثَرُ وَرَدَ فِي صَلَاةِ مُطْلَقَةٍ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا. وَالْقَهْقَهَةُ مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ، وَالضَّحِكُ مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ دُونَ جِيرَانِهِ وَهُوَ عَلَى مَا قِيلَ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ دُونَ الْوُضُوءِ.
(وَالدَّابَّةُ تَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ نَاقِضَةٌ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ رَأْسِ
ــ
[العناية]
بِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﷺ رَكِيَّةٌ فَكَانَ مَوْضُوعًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي خَبَرِ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ رَكِيَّةٌ. وَرَاوِي الْمَسْجِدِ كَأَبِي مُوسَى وَأُسَامَةَ ثِقَةٌ وَهُوَ مُثْبِتٌ فَهُوَ أَوْلَى.
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الضَّحِكُ فِي الصَّلَاةِ قَهْقَهَةً، وَاَلَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُ أَصْحَابُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَالْأَعْرَابِ الْجُهَّالِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ حُسْنِ الظَّنِّ بِهِمْ ﵃ وَإِلَّا فَلَيْسَ الضَّحِكُ كَبِيرَةً، وَهْم لَيْسُوا مِنْ الصَّغَائِرِ بِمَعْصُومِينَ وَلَا مِنْ الْكَبَائِرِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ كَبِيرَةً. (قَوْلُهُ: وَالْأَثَرُ وَرَدَ فِي صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ كَامِلَةٍ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا فَلَا يَتَعَدَّى إلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَصَلَاةِ الْبَانِي بَعْدَ الْوُضُوءِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَصَلَاةِ النَّائِمِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ لَا يَفْسُدُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ وَالضَّحِكِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّبَسُّمَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ لِلصَّلَاةِ وَلَا لِلْوُضُوءِ فَلَيْسَ لَهُ هَاهُنَا مَدْخَلٌ. «قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ مَا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَّا تَبَسَّمَ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ» .
: قَالَ: (وَالدَّابَّةُ تَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ تَنْقُضُ الْوُضُوءِ) الدَّابَّةُ: أَيْ الدُّودَةُ الَّتِي تَنْشَأُ فِي الْبَطْنِ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الدُّبُرِ نَقَضَتْ الْوُضُوءَ، وَاَلَّتِي تَنْشَأُ فِي الْجُرْحِ إذَا خَرَجَتْ مِنْهُ أَوْ لَحْمٌ سَقَطَ مِنْهُ لَمْ يَنْقُضْ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الدُّودَةِ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ غُسِلَتْ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْ النَّجَسِ إلَّا مَا عَلَيْهَا وَذَلِكَ قَلِيلٌ وَهُوَ حَدَثٌ فِي السَّبِيلَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا، فَأَشْبَهَ الْخَارِجُ مِنْ الْجُرْحِ الْجُشَاءَ فِي عَدَمِ النَّقْضِ، وَالْخَارِجُ مِنْ الدُّبُرِ الْفُسَاءَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ. قِيلَ إنَّمَا فَسَّرَ الدَّابَّةَ بِالدُّودَةِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مَا يَدِبُّ عَلَى
1 / 52