Al-ʿInāya sharḥ al-Hidāya
العناية شرح الهداية
Publisher
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1389 AH
Publisher Location
لبنان
Genres
Ḥanafī Law
(وَكَذَا مُضِيُّ الْمُدَّةِ) لِمَا رَوَيْنَا (وَإِذَا تَمُتْ الْمُدَّةُ نَزَعَ خُفَّيْهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَصَلَّى وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ) وَكَذَا إذَا نَزَعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ عِنْدَ النَّزْعِ يَسْرِي الْحَدَثُ السَّابِقُ إلَى الْقَدَمَيْنِ كَأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُمَا، وَحُكْمُ النَّزْعِ يَثْبُتُ بِخُرُوجِ الْقَدَمِ إلَى السَّاقِ لِأَنَّهُ
ــ
[العناية]
وَقَيَّدَ بِالْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي غَيْرِهَا يَجْتَمِعَانِ كَغَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ (وَكَذَا مُضِيُّ الْمُدَّةِ لِمَا رَوَيْنَا) مِنْ رِوَايَةِ صَفْوَانَ: أَلَّا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَائِمٌ مَقَامَ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَوْ غَسَلَ قَدَمَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ نَزَعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَكَذَا هَذَا.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْغَسْلِ شَرْعًا فِي وَقْتٍ مُقَدَّرٍ، فَإِذَا مَضَى لَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَطَهَارَةِ الْمُتَيَمِّمِ. وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا تَمَّتْ الْمُدَّةُ) قِيلَ هُوَ تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا مُضِيُّ الْمُدَّةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ تَمْهِيدًا لِمَا رُتِّبَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ نَزَعَ خُفَّيْهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إلَى آخِرِهِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الرِّجْلَيْنِ قَدْ انْتَقَضَتْ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْمَسْحِ وَانْتِقَاضُ الطَّهَارَةِ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ فَصَارَ كَالْمُنْتَقِضِ بِالْحَدَثِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَدَثَ اسْمٌ لِخَارِجٍ نَجِسٍ وَالْمُضِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا سَرَى حَدَثٌ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لِلرِّجْلَيْنِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ غَسْلَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ قَدْ وُجِدَ عَنْ ذَلِكَ سِوَاهُمَا فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا ثَانِيًا مَا لَمْ يُوجَدْ الْحَدَثُ فِي حَقِّهِمَا، فَكَانَ هَذَا كَمَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ يَجِبُ غَسْلُهُمَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةٍ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ وَلَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَقَوْلُهُ: (وَكَذَا إذَا نَزَعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ) مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ. وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ عِنْدَ النَّزْعِ) دَلِيلُ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالنَّزْعُ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ آنِفًا فِي نَزْعِ الْخُفِّ، وَجَوَابُ الشَّافِعِيِّ، وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا مَسَحَ الرَّأْسَ ثُمَّ حَلَقَ الشَّعْرَ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْمَسْحِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ الرَّأْسِ خِلْقَةٌ فَمَسْحُهُ مَسْحُ الرَّأْسِ، بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ مَانِعُ سِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى مَا تَحْتَهُ شَرْعًا، فَإِذَا زَالَ سَرَى الْحَدَثُ إلَيْهِ (وَحُكْمُ النَّزْعِ) وَهُوَ النَّقْضُ (يَثْبُتُ بِخُرُوجِ الْقَدَمِ إلَى السَّاقِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ أَوْ السَّاقَ
1 / 153