132

Al-ʿInāya sharḥ al-Hidāya

العناية شرح الهداية

Publisher

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

لبنان

لِيَقَعَ الْأَدَاءُ بِأَكْمَلِ الطَّهَارَتَيْنِ فَصَارَ كَالطَّامِعِ فِي الْجَمَاعَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّ التَّأْخِيرَ حَتْمٌ لِأَنَّ غَالِبَ الرَّأْيِ كَالْمُتَحَقِّقِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْعَجْزَ ثَابِتٌ حَقِيقَةً فَلَا يَزُولُ حُكْمُهُ)
ــ
[العناية]
بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي كُتُبِهِمْ بِقَوْلِهِمْ وَيُسْتَحَبُّ الْإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ وَالْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ وَتَأْخِيرُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ وَتَقْدِيمُ الْمَغْرِبِ وَتَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى مَا قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَقَوْلُهُ: لِعَادِمِ الْمَاءِ لَيْسَ احْتِرَازٌ عَنْ غَيْرِ عَادِمِهِ بَلْ هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ أَنَّ عَادِمَ الْمَاءِ وَإِنْ رَجَا أَنْ يَجِدَهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ، وَكَذَا قَوْلُهُ: كَالطَّامِعِ فِي الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِاحْتِرَازٍ عَنْ غَيْرِ الطَّامِعِ بَلْ هُوَ إلْزَامٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ إذَا كَانَ طَامِعًا فِي الْجَمَاعَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ فِي مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ الْإِنْزَالِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَعَدَمِهِ فِي الْمُوجَبِيَّةِ لَا مَحَالَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ، وَقَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ) رِوَايَةُ الْأُصُولِ رِوَايَةُ الْجَامِعَيْنِ وَالزِّيَادَاتِ وَالْمَبْسُوطِ وَرِوَايَةِ غَيْرِ الْأُصُولِ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ وَالْأَمَالِي وَالرُّقَيَّاتِ والكيسانيات والهارونيات.
وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ غَالِبَ الرَّأْيِ كَالْمُتَحَقِّقِ) أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى غَالِبَ الرَّأْيِ عِلْمًا، قَالَ تَعَالَى ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] الْآيَةَ، وَجَبَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ: هَذَا التَّعْلِيلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَجِبَ التَّأْخِيرُ عِنْدَ التَّحَقُّقِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ لِيَصِحَّ مَقِيسًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ أَوْ أَكْثَرُ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَامَّةِ النُّسَخِ: الْمُسَافِرُ إذَا كَانَ عَلَى تَيَقُّنٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَوْ غَالِبُ ظَنِّهِ ذَلِكَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ فَلَوْ حُمِلَ هَذَا: يَعْنِي التَّعْلِيلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَجُوزُ فِي الْمُتَحَقِّقِ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ فَأُلْحِقَ بِهِ غَالِبُ الظَّنِّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَسْتَقِمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ وَجْهَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ الْعَجْزَ ثَابِتٌ حَقِيقَةً فَلَا يَزُولُ حُكْمُهُ إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَ الْعَجْزِ وَهُوَ جَوَازُ التَّيَمُّمِ يَزُولُ عِنْدَ التَّيَقُّنِ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ لَمْ يَسْتَقِمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَعْلِيلِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ غَلَبَةِ الظَّنِّ وَالْيَقِينِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ، كَمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَكْثَرَ مِنْ مِيلٍ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ.
وَقَدْ صَرَّحَ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِقُرْبِهِ مَاءً لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ كَمَا لَوْ تَيَقَّنَ بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ مُشْكِلٌ. بَقِيَ وَجْهٌ آخَرُ

1 / 136