106

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Publisher

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

Publisher Location

لبنان

وَالْأَمْرُ الْوَارِدُ بِالسَّبْعِ مَحْمُولٌ عَلَى ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ. (وَسُؤْرُ الْخِنْزِيرِ نَجِسٌ) لِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ (وَسُؤْرُ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ نَجِسٌ) خِلَافًا لَلشَّافِعِيِّ ﵀ فِيمَا سِوَى الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لِأَنَّ لَحْمَهَا نَجِسٌ وَمِنْهُ يَتَوَلَّدُ اللُّعَابُ وَهُوَ ــ [العناية] وَقَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ الْوَارِدُ بِالسَّبْعِ) جَوَابٌ عَمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِمَّا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ ﵊ قَالَ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَائِكُمْ فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ مَنْعًا لَهُمْ مِنْ الِاقْتِنَاءِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَا لِمَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ» وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ «وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَالتَّعْفِيرُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالِاتِّفَاقِ. فَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ التَّعَبُّدَ لَا إزَالَةَ النَّجَاسَةِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ غَسْلُ غَيْرِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَالْوَاجِبُ هَاهُنَا غَسْلُ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَانَ الْغَسْلُ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لَا لِلتَّعَبُّدِ. (وَسُؤْرُ الْخِنْزِيرِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ) فَكَانَ لَحْمُهُ نَجِسًا وَاللُّعَابُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ (وَسُؤْرُ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ نَجِسٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا سِوَى الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) لِمَا مَرَّ فِي سُؤْرِ الْخِنْزِيرِ، وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ فَقِيلَ: أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفَضَلَتْ الْحُمُرُ؟ فَقَالَ نَعَمْ، وَبِمَا أَفَضَلَتْ السِّبَاعُ كُلُّهَا» وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ لَهُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ دَاوُد بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ جَابِرٍ وَدَاوُد بْنُ حُصَيْنٍ لَمْ يَلْقَ جَابِرًا كَذَا قَالَهُ الْجَصَّاصُ، وَلَئِنْ صَحَّ فَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحُمُرُ الْوَحْشِيَّةُ وَسِبَاعُ الطَّيْرِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قِيلَ تَحْرِيمُهَا تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ نَجَاسَةٌ غَلِيظَةٌ أَوْ خَفِيفَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ نَجَاسَةٌ غَلِيظَةٌ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي سُؤْرِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ السِّبَاعِ كَمَا اخْتَلَفُوا فِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَأَوْجَبَ اخْتِلَافُهُمْ

1 / 110