Cilm Wasim
العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم
Genres
الثاني: إن عليا عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والمبين للأمة ما اختلفوا فيه من بعد نبيهم بالنص النبوي قد ملأ خطبه من فنون أهل الكلام، فمن ذلك قوله عليه السلام : الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده، وباشتباههم على أن لا شبيه له...إلى قوله: مستشهدا بحدوث الأشياء على أزليته، وبما وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه...إلى قوله: لم تحط به الأوهام، بل تجلى لها وبها امتنع منها وإليها حاكمها ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما، ولا بذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيدا.
وقوله عليه السلام : الحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش، أو سماء أو أرض، أو جان أو إنس، لا يدرك بوهم، ولا يقدر بفهم، ولا يشغله سائل، ولا ينقصه نائل، ولا ينظر بعين، ولا يحد بأين، ولا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس.
إلى غير ذلك من تعليمه للناس، ومنه أخذ أهل الكلام فنهم، فهل ينكر ذلك منصف أو ينسب أهل الكلام إلى معرفة علم لم يحتو عليه القرآن إثباتا أو نفيا، أو لم يعرفه النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه.
إذا تأملت لفنون الأصول وغصون المعقول وجدت القرآن لم ينس شيئا من ذلك {وما كان ربك نسيا}[مريم:64]، {علم الإنسان ما لم يعلم}[العلق:5] وإنما أهل الحديث ادعوا لأنفسهم الكمال من قعود، وزيفوا ما عليه الناس وإن كان لذلك من القرآن والسنة شهود، حتى تقحموا سدد الهيبة فنسبوا القرآن إلى النقص والنبي صلى الله عليه وآله وأصحابه إلى الجهل.
Page 218