والآن فاعلمي أن الانتخاب سيكون باكرا، فبعيده سأقدم لأبيك طلبي لأكون زوجك، فإني على ما أرى صرت كفؤا لأن أخطب إلى نفسي ملاك وارسو الحارس، وأجمل غادة في الوجود، والآن أيتها الحبيبة آن الصبح أن ينبلج، فهيا بنا، وموعدنا بعد غد في منزلكم؛ حيث أتقدم طالبا يدك. - ساعدك الله أيها الحبيب في انتخابك وقرانك. دعوة صادرة من قلب يحبك ويهواك، والآن إلى الملتقى.
افترقا، فسار سوبيسكي إلى منزله مخترقا طريق جونسكي، فوجد جماهير الشعب ترد زرافات ووحدانا، فعلم أن الانتخاب أيقظ الشعب، وأن ذلك الحيوان - كما يلقبه إخوانه النبلاء - قام ليطالب بحقوقه المهضومة.
الفصل الثامن
الانتخاب (سعادة الأمة بعدل الأمير)
أشرق فجر يوم الثامن من شهر فبراير سنة 1676 وسكان وارسو لم يغمض لهم جفن، فقد قضوا ليلهم في احتفالاتهم بانتصار سوبيسكي على الأتراك، وإنهاء الحرب بسلام، كما كان يود كل محب لوطنه.
وقد زادهم يقظة على يقظة: أن في الغد سينعقد الديت لانتخاب ملك على بولاندا ليبتدئوا حياة جديدة غير حياتهم الأولى.
حياة متعلقة بذلك الذي سينتخبونه، فإن كان من أولئك النبلاء المتشبثين بعاداتهم القديمة كميخائيل ذلك الملك الضعيف الإرادة، المسلم أموره إلى نبلاء أضعف منه رأيا وأقل عقلا؛ فإنهم ولا شك ملاقون حياة تبدأ بالاستبداد وتنتهي بالموت، حياة يقضونها تحت نير الظلم، يستغيثون ولا من مغيث.
أما إذا انتخب رجل من رجال الأمة المحبين لخيرها، الساعين لمصالح الشعب، الساعين في تقويض أركان الظلم، وإقامة معالم العدل؛ فإنهم بلا شك سيحيون حياة طيبة يكون لبولاندا منها الشطر الأوفر.
وعلى هذا؛ فقد كان أمر الانتخاب مهما جدا؛ لدرجة أن وارسو ازدحمت بالوافدين من القرى والضواحي ليشاهدوا انتخاب مليكهم الذي عليه تتوقف سعادتهم أو مصيبتهم.
سار الشعب كالسيل المنهمر، فكان طريق جونسكي يتموج بذلك البحر الزاخر المنتظر نتيجة الانتخاب بفروغ صبر.
Unknown page